هنا

هُنا: ظَرْفُ مكان، تقول جَعَلْتُه هُنا أَي في هذا الموضع.
وهَنَّا بمعنى هُنا: ظرف. وفي حديث علي، عليه السلام: إِنَّ هَهُنا عِلْماً،
وأَوْمَأَ بيَدِه إِلى صَدْرِه، لو أَصَبْتُ له حَمَلةً؛ ها، مَقصورة: كلمة
تَنْبِيه للمُخاطَب يُنَبَّه بها على ما يُساقُ إِليه من الكلام. ابن
السكيت: هُنا هَهُنا موضعٌ بعينه. أَبو بكر النحوي: هُنا اسم موضع في
البيت، وقال قوم: يَوْمَ هُنا أَي يَوْمَ الأَوَّل؛ قال:
إِنَّ ابْنَ عاتِكَة المَقْتُولَ، يَوْمَ هُنا،
خَلَّى عَليَّ فِجاجاً كانَ يَحْمِيها
قوله: يَوْمَ هُنا هو كقولك يَوْمَ الأَوَّلِ؛ قال ابن بري في قول امرئ
القيس:
وحَديثُ الرَّكْبِ يَوْمَ هُنا
قال: هُنا اسم موضع غيرُ مَصْرُوف لأَنه ليس في الأَجْناس معروفاً، فهو
كجُحَى، وهذا ذكره ابن بري في باب المعتل. غيره: هُنا وهُناك للمكان
وهُناك أَبْعَدُ من ههُنا. الجوهري: هُنا وهَهُنا للتقريب إِذا أَشرتَ إِلى
مكان، وهُناك وهُنالِكَ للتَّبْعِيدِ، واللام زائدة والكاف للخطاب، وفيها
دليل على التبعيد، تفتح للمذَكَّرِ وتكسر للمُؤَنَّثِ. قال الفراء: يقال
اجْلِسْ ههُنا أَي قريباً، وتَنَحَّ ههُنا أَي تَباعَدْ أَو ابْعُدْ
قليلاً، قال: وهَهِنَّا أَيضاً تقوله قَيْسٌ وتَمِيمٌ. قال الأَزهري: وسمعت
جماعة من قيس يقولون اذْهَبْ هَهَنَّا بفتح الهاء، ولم أَسْمَعْها بالكسر
من أَحد. ابن سيده: وجاء من هَني أَي من هُنا، قال: وجِئتُ من هَنَّا ومن
هِنَّا. وهَنَّا بالفتح والتشديد: معناه هَهُنا. وهَنَّاك أَي هُناك؛
قال الراجز:
لَمَّا رأَيت مَحْمِلَيْها هَنَّا
ومنه قولهم: تَجَمَّعُوا من هَنَّا ومِنْ هَنَّا أَي من هَهُنا ومن
هَهُنا؛ وقول الشاعر:
حَنَّت نَوارُ ، ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ،
وبَدا الذي كانَتْ نَوارُ أَجَنَّتِ
يقول: ليس ذا موضع حَنِينٍ؛ قال ابن بري: هو لجَحْل بن نَضْلَة وكان
سَبى النَّوارَ بنتَ عمْرو ابن كَلْثوم؛ ومنه قول الراعي:
أفي أَثَرِ الأَظْعانِ عَيْنُكَ تَلْمَحُ؟
نَعَمْ لاتَ هَنَّا ، إنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ
يعني ليس الأَمر حيثما ذهبت؛ وقوله أَنشده أَبو الفتح بن جني:
قدْ وَرَدَتْ مِنْ أَمْكِنَهْ،
مِنْ هَهُنا ومِنْ هُنَهْ
إِنما أَراد: ومن هُنا فأَبدل الأَلف هاء، وإنما لم يقل وها هُنَهْ لأن
قبله أَمْكِنَهْ، فمن المُحال أَن تكون إحدى القافيتين والأُخرى غير
مؤسسة. وهَهِنَّا أَيضاً تقوله قيس وتميم، والعرب تقول إذا أَرادت البُعْد:
هَنَّا وهَهَنَّا وهَنَّاكَ وهَهَنَّاك، وإذا أَرادت القرب قالت: هُنا
وهَهُنا. وتقول للحبيب: هَهُنا وهُنا أَي تَقَرَّبْ وادْنُ، وفي ضدّه
للبَغِيض: هَهَنَّا وهَنَّا أَي تَنَحَّ بَعِيداً؛ قال الحطيئة يهجو
أُمه:فهَهَنَّا اقْعُدِي مِني بَعِيداً،
أَراحَ اللهُ مِنَّكِ العالَمِينا
(* في ديوان الحطيئة: تَنَحّي، فاجلسي منى بعيداً، إلخ.)
وقال ذو الرمة يَصِفُ فلاةً بَعِيدةَ الأَطْراف بعيدةَ الأَرجاء كثيرة
الخَيرِ:
هَنَّا وهَنَّا ومِنْ هَنَّا لَهُنَّ بها،
ذاتَ الشَّمائلِ والأَيْمانِ ، هَيْنُومُ
الفراء: من أَمثالهم:
هَنَّا وهَنَّا عَنْ جِمالِ وَعْوَعَهْ
(* قوله «هنا وهنا إلخ» ضبط في التهذيب بالفتح والتشديد في الكلمات
الثلاث، وقال في شرح الاشموني: يروى الاول بالفتح والثاني بالكسر والثالث
بالضم، وقال الصبان عن الروداني: يروى الفتح في الثلاث.)
كما تقول: كلُّ شيء ولا وَجَع الرأْسِ، وكلُّ شيء ولا سَيْف فَراشةَ،
ومعنى هذا الكلام إذا سَلِمْتُ وسَلِمَ فلان فلم أَكْتَرِثْ لغَيرِه؛ وقال
شمر: أَنشدنا ابن الأعرابي للعجاج:
وكانتِ الحَياةُ حِينَ حَيَّتِ ،
وذِكْرُها هَنَّتْ فلاتَ هَنَّتِ
أَراد هَنَّا وهَنَّهْ فصيره هاء للوقف. فلاتَ هَنَّتْ أَي ليس ذا موضعَ
ذلك ولا حِينَه، فقال هَنَّت بالتاء لما أَجرى القافية لأَن الهاء تصير
تاء في الوصل؛ ومنه قول الأَعشى:
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيرةَ أَمَّنْ
جاء مِنْها بطائفِ الأَهوالِ
(*قوله« جبيرة» ضبط في الأصل بما ترى وضبط في نسخة التهذيب بفتح فكسر،
وبكل سمت العرب)
قال الأَزهري: وقد مضى من تفسير لاتَ هَنَّا في المعتل ما ذكر هُناك
لأَن الأَقرب عندي أَنه من المُعْتَلاَّتِ؛ وتقَدّم فيه:
حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ،
وأَنَّى لكِ مَقْروعُ
رواه ابن السكيت:
وكانتِ الحَياةُ حِينَ حُبَّتِ
يقول: وكانت الحياةُ حِينَ تُحَبُّ. وذِكْرُها هَنَّتْ، يقول: وذِكرُ
الحَياةِ هُناكَ ولا هناك أَي لِليأْس من الحياة؛ قال ومدح رجلاً
بالعطاء:هَنَّا وهَنَّا وعلى المَسْجوحِ
أَي يُعْطِي عن يمين وشمال، وعلى المَسْجُوح أَي على القَصْد؛ أَنشد ابن
السكيت:
حَنَّتْ نَوارُ ولاتَ هَنَّا حَنَّتِ،
وبَدا الذي كانتْ نَوارُ أَجَنَّتِ
أَي ليس هذا موضعَ حَنِينٍ ولا في موضِع الحَنِينِ حَنَّتْ؛ وأَنشد
لبَعضِ الرُّجَّازِ:
لمَّا رأَيتُ مَحْمِلَيْها هَنَّا
مُخَدَّرَيْنِ، كِدْتُ أَنَّ أُجَنَّا
قوله هَنَّا أَي هَهَنَّا، يُغَلِّطُ به في هذا الموضع. وقولهم في
النداء: يا هَنَّاه بزيادة هاء في آخره، وتصِيرُ تاء في الوصل، قد ذكرناه
وذكرنا ما انتقده عليه الشيخ أَبو محمد بن بري في ترجمة هنا في المُعْتَلّ.
وهُنا: اللَّهْوُ واللَّعِبُ، وهو مَعْرِفةٌ؛ وأَنشد الأَصمعي لامرئ
القيس:
وحَدِيثُ الرَّكْبِ يَوْمَ هُنا،
وحَدِيثٌ مَّا على قِصَرِهْ
ومن العرب من يقول: هَنا وهَنْتَ بمعنى أَنا وأَنتَ، يَقْلِبون الهمزة
هاء وينشدون بيت الأَعشى:
يا ليتَ شِعْرِي هل أَعُودنْ ناشِئاً * مِثْلي، زُمَيْنَ هَنا بِبُرْقةِ أَنْقَدا؟
ابن الأَعرابي: الهُنا الحَسَبُ الدَّقِيقُ الخَسِيسُ؛ وأَنشد:
حاشَى لفرْعَيْكَ مِن هُنا وهُنا، * حاشَى لأَعْراقِكَ التي تَشبحُ

أضف تعليقك