نون

نون : النون : الحوت ، والجمع أنوان ونينان ، وأصله نونان ، فقلبت الواو ياء لكسرة النون . وفي حديث علي – عليه السلام – : يعلم اختلاف النينان في البحار الغامرات . وفي التنزيل العزيز : ن والقلم قال الفراء : لك أن تدغم النون الأخيرة وتظهرها ، وإظهارها أعجب إلي ؛ لأنها هجاء ، والهجاء كالموقوف عليه وإن اتصل ، ومن أخفاها بناها على الاتصال ، وقد قرأ القراء بالوجهين جميعا ، وكان الأعمش وحمزة يبينانها وبعضهم يترك البيان ، وقال النحويون : جاء في التفسير أن ( ن ) الحوت الذي دحيت عليه سبع الأرضين ، وجاء في التفسير أن ( ن ) الدواة ، ولم يجئ في التفسير كما فسرت حروف الهجاء ، فالإدغام كانت من حروف الهجاء أو لم تكن جائز ، والتبيين جائز ، والإسكان لا يجوز أن يكون إلا وفيه حرف الهجاء ، قال الأزهري : ( ن والقلم ) لا يجوز فيه غير الهجاء ، ألا ترى أن كتاب المصحف كتبوه ( ن ) ولو أريد به الدواة أو الحوت لكتب نون . الحسن وقتادة في قوله ( ن والقلم ) قالا : الدواة والقلم . وما يسطرون قال : وما يكتبون . وروي عن ابن عباس أنه قال : أول ما خلق الله القلم ، فقال له : اكتب ، فقال : أي رب وما أكتب ؟ قال : القدر . قال : فكتب في ذلك اليوم ما هو كائن إلى قيام الساعة ، ثم خلق النون ثم بسط الأرض عليها ، فاضطربت النون فمادت الأرض ، فخلق الجبال فأثبتها بها ، ثم قرأ ابن عباس : ن والقلم وما يسطرون ، قال ابن [ ص: 393 ] الأنباري في باب إخفاء النون وإظهارها : النون مجهورة ذات غنة ، وهي تخفى مع حروف الفم خاصة ، وتبين مع حروف الحلق عامة ، وإنما خفيت مع حروف الفم لقربها منها ، وبانت مع حروف الحلق لبعدها منها ، وكان أبو عمرو يخفي النون عند الحروف التي تقاربها وذلك أنها من حروف الفم ، كقولك : من قال ومن كان ومن جاء . قال الله تعالى : من جاء بالحسنة على الإخفاء ، فأما بيانها عند حروف الحلق الستة فإن هذه الستة تباعدت من مخرجها ، ولم تكن من قبيلها ولا من حيزها فلم تخف فيها ، كما أنها لم تدغم فيها ، وكما أن حروف اللسان لا تدغم في حروف الحلق لبعدها منها ، وإنما أخفيت مع حروف الفم كما أدغمت في اللام وأخواتها كقولك : من أجلك ، من هنا ، من خاف ، من حرم زينة الله ، من علي ، من عليك . قال : من العرب من يجري الغين والخاء مجرى القاف والكاف في إخفاء النون معهما ، وقد حكاه النضر عن الخليل قال : وإليه ذهب سيبويه . قال الله تعالى : ولمن خاف مقام ربه جنتان إن شئت أخفيت وإن شئت أبنت . وقال الأزهري في موضع آخر : النون حرف فيه نونان بينهما واو ، وهي مدة ولو قيل في الشعر ( نن ) كان صوابا . وقرأ أبو عمرو نون جزما ، وقرأ أبو إسحاق نون جرا ، وقال النحويون : النون تزاد في الأسماء والأفعال ، فأما في الأسماء فإنها تزاد أولا في نفعل إذا سمي به ، وتزاد ثانيا في جندب جنعدل ، وتزاد ثالثة في حبنطى وسرندى ، وما أشبهه وتزاد رابعة في خلبن وضيفن وعلجن ورعشن ، وتزاد خامسة في مثل عثمان وسلطان ، وتزاد سادسة في زعفران وكيذبان ، وتزاد سابعة في مثل عبيثران ، وتزاد علامة للصرف في كل اسم منصرف ، وتزاد في الأفعال ثقيلة وخفيفة ، وتزاد في التثنية والجمع في الأمر في جماعة النساء ، والنون حرف هجاء مجهور أغن ، يكون أصلا وبدلا وزائدا ، فالأصل نحو نون نعم ونون جنب ، وأما البدل فذهب بعضهم إلى أن النون في فعلان فعلى بدل من همزة فعلاء ، وإنما دعاهم إلى القول بذلك أشياء : منها أن الوزن في الحركة والسكون في فعلان وفعلى واحد ، وأن في آخر فعلان زائدتين زيدتا معا ، والأولى منهما ألف ساكنة ، كما أن فعلان كذلك ، ومنها أن مؤنث فعلان على غير بنائها ، ومنها أن آخر فعلاء همزة التأنيث كما أن آخر فعلان نونا تكون في فعلن نحو قمن وقعدن علامة تأنيث ، فلما أشبهت الهمزة النون هذا الاشتباه وتقاربتا هذا التقارب ، ولم يخل أن تكونا أصليتين كل واحدة منهما قائمة غير مبدلة من صاحبتها ، أو تكون إحداهما منقلبة عن الأخرى ، فالذي يدل على أنهما ليستا بأصلين بل النون بدل من الهمزة قولهم في صنعاء وبهراء ، يدل على أنها في باب فعلان ، فعلى بدل همزة فعلاء وقد ينضاف إليه مقويا له قولهم في جمع إنسان أناسي ، وفي ظربان ظرابي ، فجرى هذا مجرى قولهم صلفاء وصلافي وخبراء وخباري ، فردهم النون في إنسان وظربان ياء في ظرابي وأناسي وردهم همزة خبراء وصلفاء ياء يدل على أن الموضع للهمزة وأن النون داخلة عليها . الجوهري : النون حرف من المعجم ، وهو من حروف الزيادات ، وقد تكون للتأكيد تلحق الفعل المستقبل بعد لام القسم ، كقولك : والله لأضربن زيدا ، وتلحق بعد ذلك الأمر والنهي ، تقول : اضربن زيدا ولا تضربن عمرا ، وتلحق في الاستفهام ، تقول : هل تضربن زيدا ، وبعد الشرط كقولك : إما تضربن زيدا أضربه ، إذ زدت على إن ما زدت على فعل الشرط نون التوكيد . قال تعالى : فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم وتقول في فعل الاثنين : لتضربان زيدا يا رجلان ، وفي فعل الجماعة : يا رجال اضربن زيدا ، بضم الباء ، ويا امرأة اضربن زيدا ، بكسر الباء ، ويا نسوة اضربنان زيدا ، وأصله اضربنن ، بثلاث نونات فتفصل بينهن بألف وتكسر النون تشبيها بنون التثنية ، قال : وقد تكون نون التوكيد خفيفة كما تكون مشددة ، إلا أن الخفيفة إذا استقبلها ساكن سقطت ، وإذا وقفت عليها وقبلها فتحة أبدلتها ألفا كما قال الأعشى :

وذا النصب المنصوب لا تنسكنه ولا تعبد الشيطان والله فاعبدا
قال : وربما حذفت في الوصل كقول طرفة :

اضرب عنك الهموم طارقها ضربك بالسوط قونس الفرس

قال ابن بري : البيت مصنوع على طرفة ، والمخففة تصلح في مكان المشددة إلا في موضعين : في فعل الاثنين يا رجلان اضربان زيدا ، وفي فعل جماعة المؤنث يا نسوة اضربنان زيدا ، فإنه لا يصلح فيهما إلا المشددة لئلا يلتبس بنون التثنية ، قال : ويونس يجيز الخفيفة هاهنا أيضا ، قال : والأول أجود . قال ابن بري : إنما لم يجز وقوع النون الخفيفة بعد الألف لأجل اجتماع الساكنين على غير حده ، وجاز ذلك في المشددة لجواز اجتماع الساكنين إذا كان الثاني مدغما والأول حرف لين . والتنوين والتنوينة : معروف . ونون الاسم : ألحق التنوين . والتنوين : أن تنون الاسم إذا أجريته ، تقول : نونت الاسم تنوينا ، والتنوين لا يكون إلا في الأسماء . والنونة : الكلمة من الصواب . والنونة : النقبة في ذقن الصبي الصغير . وفي حديث عثمان : أنه رأى صبيا مليحا فقال : دسموا نونته أي سودوها لئلا تصيبه العين ، قال : حكاه الهروي في الغريبين . الأزهري : هي الخنعبة والنونة والثومة والهزمة والوهدة والقلدة والهرتمة والعرتمة والحثرمة ، قال الليث : الخنعبة مشق ما بين الشاربين بحيال الوترة ، الأزهري : قال أبو تراب : أنشدني جماعة من فصحاء قيس وأهل الصدق منهم :

حاملة دلوك لا محموله ملأى من الماء كعين النونه

فقلت لهم : رواها الأصمعي كعين الموله فلم يعرفوها ، وقالوا : النونة السمكة . وقال أبو عمرو : الموله العنكبوت . ويقال للسيف العريض المعطوف طرفي الظبة : ذو النونين ، ومنه قوله :

قريتك في الشريط إذا التقينا وذو النونين يوم الحرب زيني

الجوهري : والنون شفرة السيف ؛ قال الشاعر :

بذي نونين فصال مقط

والنون : اسم سيف لبعض العرب ؛ وأنشد :

[ ص: 394 ]
سأجعله مكان النون مني

وقال : يقول سأجعل هذا السيف الذي استفدته مكان ذلك السيف الآخر . وذو النون : سيف كان لمالك بن زهير أخي قيس بن زهير ، فقتله حمل بن بدر وأخذ منه سيفه ذا النون ، فلما كان يوم الهباءة قتل الحارث بن زهير حمل بن بدر وأخذ منه ذا النون ، وفيه يقول الحارث بن زهير :

ويخبرهم مكان النون مني وما أعطيته عرق الخلال

أي ما أعطيته مكافأة ولا مودة ولكني قتلت حملا وأخذته منه قسرا . قال ابن بري : النون سيف حنش بن عمرو ، وقيل : هو سيف مالك بن زهير ، وكان حمل بن بدر أخذه من مالك يوم قتله وأخذه الحارث من حمل بن بدر يوم قتله ، وهو الحارث بن زهير العبسي ، وصواب إنشاده :

ويخبرهم مكان النون مني

لأن قبله :

سيخبر قومه حنش بن عمرو بما لاقاهم وابنا بلال

وذو النون : لقب يونس بن متى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام . وفي التنزيل العزيز : وذا النون إذ ذهب مغاضبا هو يونس النبي – صلى الله عليه وسلم – سماه الله ذا النون ؛ لأنه حبسه في جوف الحوت الذي التقمه والنون الحوت . وفي حديث موسى والخضر : خذ نونا ميتا أي حوتا . وفي حديث إدام أهل الجنة : هو بالام ونون ، والله أعلم .

أضف تعليقك