عرض

العَرْضُ: خلافُ الطُّول، والجمع أَعراضٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
يَطْوُونَ أَعْراضَ الفِجاجِ الغُبْرِ،
طَيَّ أَخي التَّجْرِ بُرودَ التَّجْرِ
وفي الكثير عُرُوضٌ وعِراضٌ؛ قال أََبو ذؤيب يصف برذوناً:
أَمِنْكَ بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه،
كأَنَّه في عِراضِ الشامِ مِصباحُ؟
وقال الجوهري: أَي في شِقِّه وناحِيتِه. وقد عَرُضَ يَعْرُضُ عِرَضاً
مثل صَغُرَ صِغَراً، وعَراضةً، بالفتح؛ قال جرير:
إِذا ابْتَدَرَ الناسُ المَكارِمَ، بَذَّهُم
عَراضةُ أَخْلاقِ ابن لَيْلَى وطُولُها
فهو عَرِيضٌ وعُراضٌ، بالضم، والجمع عِرْضانٌ، والأُنثى عَرِيضةٌ
وعُراضةٌ.
وعَرَّضْتُ الشيء: جعلته عَرِيضاً، وقال الليث: أَعْرَضْتُه جعلته
عَرِيضاً. وتَعْرِيضُ الشيء: جَعْلُه عَرِيضاً. والعُراضُ أَيضاً: العَرِيضُ
كالكُبارِ والكَبِيرِ. وفي حديث أُحُد: قال للمنهزمين لقد ذَهَبْتُمْ فيها
عَرِيضةً أَي واسعةً. وفي الحديث: لئن أَقْصَرْتَ الخُطْبةَ لقد
أَعْرَضْتَ المسأَلة أَي جِئْتَ بالخطْبةِ قصيرة وبالمسأَلة واسعة كبيرة.
والعُراضاتُ: الإِبل العَرِيضاتُ الآثار. ويقال للإِبل: إِنها العُراضاتُ
أَثَراً؛ قال الساجع: إِذا طَلَعت الشِّعْرى سَفَرا، ولم تَرَ مَطَرا، فلا
تَغْذُوَنَّ إِمَّرةً ولا إِمَّرا، وأَرْسِلِ العُراضاتِ أَثَرَا،
يَبْغِيْنَكَ في الأَرضِ مَعْمَرا؛ السفَر: بياضُ النهار، والإِمَّرُ الذكر من ولد
الضأْن، والإِمَّرةُ الأُنثى، وإِنما خص المذكور من الضأْن وإِنما أَراد
جميع الغنم لأَنها أَعْجَزُ عن الطَّلَب من المَعَزِ، والمَعَزُ
تُدْرِكُ ما لا تُدْرِكُ الضأْنُ. والعُراضاتُ: الإِبل. والمَعْمَرُ: المنزل
بدارِ مَعاشٍ؛ أَي أَرسِلِ الإِبل العَرِيضةَ الآثار عليها رُكْبانُها
لِيَرْتادُوا لك منزلاً تَنْتَجِعُه، ونَصَبَ أَثراً على التمييز. وقوله
تعالى: فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ؛ أَي واسع وإِن كان العَرْضُ إِنما يقع في
الأَجسام والدعاءُ ليس بجسم. وأَعْرَضَتْ بأَولادها: ولدتهم عِراضاً.
وأَعْرَضَ: صار ذا عَرْض. وأَعْرَض في الشيء: تَمَكَّن من عَرْضِه؛ قال ذو
الرمة:فَعال فَتىً بَنَى وبَنَى أَبُوه،
فأَعْرَضَ في المكارِمِ واسْتَطالا
جاءَ به على المثَل لأَن المَكارمَ ليس لها طُولٌ ولا عَرْضٌ في
الحقيقة. وقَوْسٌ عُراضةٌ: عَرِيضةٌ؛ وقول أَسماء بن خارجة أَنشده ثعلب:
فَعَرَضْتُهُ في ساقٍ أَسْمَنِها،
فاجْتازَ بَيْنَ الحاذِ والكَعْبِ
لم يفسره ثعلب وأُراه أَراد: غَيَّبْتُ فيها عَرْضَ السيف. ورجل عَرِيضُ
البِطانِ: مُثْرٍ كثير المال. وقيل في قوله تعالى: فذو دُعاءٍ عَرِيضٍ،
أَراد كثير فوضع العريض موضع الكثير لأَن كل واحد منهما مقدار، وكذلك لو
قال طَوِيل لَوُجِّهَ على هذا، فافهم، والذي تقدَّم أَعْرفُ.
وامرأَة عَرِيضةٌ أَرِيضةٌ: وَلُود كاملة. وهو يمشي بالعَرْضِيَّةِ
والعُرْضِيَّةِ؛ عن اللحياني، أَي بالعَرْض.
والعِراضُ: من سِماتِ الإِبل وَسْمٌ، قيل: هو خطٌّ في الفَخِذِ عَرْضاً؛
عن ابن حبيب من تذكرة أَبي علي، تقول منه: عَرَضَ بعيره عَرْضاً.
والمُعَرَّضُ: نَعَمٌ وسْمُه العِراضُ؛ قال الراجز:
سَقْياً بحَيْثُ يُهْمَلُ المُعَرَّضُ
تقول منه: عَرَّضْتُ الإِبل. وإِبل مُعَرَّضةٌ: سِمَتُها العِراضُ في
عَرْضِ الفخذ لا في طوله، يقال منه: عَرَضْتُ البعير وعَرَّضْتُه
تَعْرِيضاً.
وعَرَضَ الشيءَ عليه يَعْرِضُه عَرْضاً: أَراهُ إِيّاه؛ وقول ساعدة بن
جؤية:
وقدْ كانَ يوم الليِّثِ لو قُلْتَ أُسْوةٌ
ومَعْرَضَةٌ، لو كنْتَ قُلْتَ لَقابِلُ،
عَلَيَّ، وكانوا أَهْلَ عِزٍّ مُقَدَّمٍ
ومَجْدٍ، إِذا ما حوَّضَ المَجْد نائِلُ
أَراد: لقد كان لي في هؤلاء القوم الذين هلكوا ما آتَسِي به، ولو
عَرَضْتَهُم عليَّ مكان مُصِيبتي بابني لقبِلْتُ، وأَراد: وَمَعْرضةٌ عليَّ
ففصل. وعَرَضْتُ البعيرَ على الحَوْضِ، وهذا من المقلوب، ومعناه عَرَضْتُ
الحَوْضَ على البعير. وعَرَضْتُ الجاريةَ والمتاعَ على البَيْعِ عَرْضاً،
وعَرَضْتُ الكِتاب، وعَرَضْتُ الجُنْدَ عرْضَ العَيْنِ إِذا أَمْرَرْتَهم
عليك ونَظَرْتَ ما حالُهم، وقد عَرَضَ العارِضُ الجُنْدَ واعْتَرَضُوا
هم. ويقال: اعْتَرَضْتُ على الدابةِ إِذا كنتَ وقْتَ العَرْض راكباً، قال
ابن بري: قال الجوهري وعَرَضْتُ بالبعير على الحوض، وصوابه عَرَضْتُ
البعير، ورأَيت عِدّة نسخ من الصحاح فلم أَجد فيها إِلا وعَرَضْتُ البعير،
ويحتمل أَن يكون الجوهري قال ذلك وأَصلح لفظه فيما بعد.
وقد فاته العَرْضُ والعَرَضُ، الأَخيرة أَعلى، قال يونس: فاته العَرَضُ،
بفتح الراء، كما يقول قَبَضَ الشيءَ قَبْضاً، وقد أَلقاه في القَبَض أَي
فيما قَبَضه، وقد فاته العَرَضُ وهو العَطاءُ والطَّمَعُ؛ قال عدي ابن
زيد:
وما هذا بأَوَّلِ ما أُلاقِي
مِنَ الحِدْثانِ والعَرَضِ الفَرِيبِ
أَي الطَّمَع القريب. واعْتَرَضَ الجُنْدَ على قائِدِهم، واعْتَرَضَ
الناسَ: عَرَضَهم واحداً واحداً. واعْتَرَضَ المتاعَ ونحوه واعْتَرَضَه على
عينه؛ عن ثعلب، ونظر إِليه عُرْضَ عيْنٍ؛ عنه أَيضاً، أَي اعْتَرَضَه على
عينه. ورأَيته عُرْضَ عَيْنٍ أَي ظاهراً عن قريب. وفي حديث حذيفة:
تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوب عَرْضَ الحَصِير؛ قال ابن الأَثير: أَي توضَع
عليها وتُبْسَطُ كما تُبْسَطُ الحَصِيرُ، وقيل: هو من عَرْض الجُنْدِ بين
يدي السلطان لإِظهارهم واختبار أَحوالهم. ويقال: انطلق فلان يَتَعَرَّضُ
بجَمله السُّوق إِذا عَرَضَه على البيع. ويقال: تَعَرَّضْ أَي أَقِمْهُ في
السوق.
وعارَضَ الشيءَ بالشيءَ مُعارضةً: قابَلَه، وعارَضْتُ كتابي بكتابه أَي
قابلته. وفلان يُعارِضُني أَي يُبارِيني. وفي الحديث: إِن جبريل، عليه
السلام، كان يُعارِضُه القُرآنَ في كل سنة مرة وإِنه عارضَه العامَ مرتين،
قال ابن الأَثير: أَي كان يُدارِسُه جمِيعَ ما نزل من القرآن من
المُعارَضةِ المُقابلةِ.
وأَما الذي في الحديث: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا اعتراضَ فهو أَن
يَعْتَرِضَ رجل بفَرسِه في السِّباق فَيَدْخُلَ مع الخيل؛ ومنه حديث سُراقة:
أَنه عَرَضَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، وأَبي بكر الفَرسَ أَي
اعْتَرَضَ به الطريقَ يَمْنَعُهما من المَسِير. وأَما حديث أَبي سعيد: كنت
مع خليلي، صلّى اللّه عليه وسلّم، في غزوة إِذا رجل يُقَرِّبُ فرساً في
عِراضِ القوم، فمعناه أَي يَسِيرُ حِذاءَهم مُعارِضاً لهم. وأَما حديث
الحسن بن عليّ: أَنه ذَكَرَ عُمر فأَخذ الحسينُ في عِراضِ كلامه أَي في مثل
قوله ومُقابِله. وفي الحديث: أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم،
عارَضَ جَنازَة أَبي طالب أَي أَتاها مُعْتَرِضاً من بعض الطريق ولم يتبعْها
من منزله. وعَرَضَ من سلعته: عارَضَ بها فأَعْطَى سِلْعةً وأَخذ أُخرى.
وفي الحديث: ثلاثٌ فيهن البركة منهن البَيْعُ إِلى أَجل والمُعارَضةُ أَي
بيع العَرْض بالعَرْض، وهو بالسكون المَتاعُ بالمتاع لا نَقْدَ فيه.
يقال: أَخذت هذه السلعة عرْضاً إِذا أَعْطَيْتَ في مقابلتها سلعة أُخرى.
وعارضَه في البيع فَعَرَضَه يَعْرُضُه عَرْضاً: غَبَنَه. وعَرَضَ له مِن
حقِّه ثوباً أَو مَتاعاً يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَضَ به: أَعْطاهُ إِيّاهُ
مكانَ حقِّه، ومن في قولك عَرَضْتُ له من حَقِّه بمعنى البدل كقول اللّه
عزّ وجلّ: ولو نشاءُ لجعلنا منكم ملائكة في الأَرض يَخْلُفُون؛ يقول: لو
نشاءُ لجعلنا بدلكم في الأَرض ملائكة. ويقال: عَرَّضْتُك أَي عَوَّضْتُك.
والعارِضُ: ما عَرَضَ من الأَعْطِيَة؛ قال أَبو محمد الفَقْعَسيّ:
يا لَيْلُ، أَسْقاكِ البُرَيْقُ الوامِضُ
هلْ لكِ، والعارِضُ منكِ عائِضُ،
في هَجْمَةٍ يُسْئِرُ منها القابِضُ؟
قاله يخاطب امرأَة خطبها إِلى نفسها ورَغَّبها في أَنْ تَنْكِحه فقال:
هل لك رَغْبةٌ في مائة من الإِبل أَو أَكثر من ذلك؟ لأَن الهجمة أَوَّلُها
الأَربعون إِلى ما زادت يجعلها لها مَهْراً، وفيه تقديم وتأْخير،
والمعنى هل لك في مائة من الإِبل أَو أَكثر يُسْئِرُ منها قابِضُها الذي يسوقها
أَي يُبْقِي لأَنه لا يَقْدِر على سَوْقِها لكثرتها وقوتها لأَنها
تَفَرَّقُ عليه، ثم قال: والعارِضُ منكِ عائِضٌ أَي المُعْطِي بدلَ بُضْعِكِ
عَرْضاً عائِضٌ أَي آخِذٌ عِوَضاً مِنْكِ بالتزويج يكون كِفاءً لما عَرَضَ
منك. ويقال: عِضْتُ أَعاضُ إِذا اعْتَضْتَ عِوَضاً، وعُضْتُ أَعُوضُ
إِذا عَوَّضْتَ عِوَضاً أَي دَفَعْتَ، فقوله عائِضٌ من عِضْتُ لا من عُضْتُ،
ومن رَوَى يَغْدِرُ، أَراد يَتْرُكُ من قولهم غادَرْتُ الشيء. قال ابن
بري: والذي في شعره والعائِضُ منكِ عائِضُ أَي والعِوَضُ منك عِوَضٌ كما
تقول الهِبَةُ مِنكَ هِبَةٌ أَي لها مَوْقِعٌ. ويقال: كان لي على فلان
نَقْدٌ فأَعْسَرْتُه فاعْتَرَضْتُ منه. وإِذا طلب قوم عند قوم دَماً فلم
يُقِيدُوهم قالوا: نحن نَعْرِضُ منه فاعْتَرِضُوا منه أَي اقْبَلُوا الدية.
وعَرَضَ الفَرَسُ في عَدْوِه: مَرَّ مُعْتَرِضاً. وعَرَضَ العُودَ على
الإِناءِ والسَّيْفَ على فَخِذِه يَعْرِضُه عَرْضاً ويَعْرُضُه، قال
الجوهري: هذه وحدها بالضم. وفي الحديث: خَمِّرُوا آنِيَتَكم ولو بِعُود
تَعْرُضُونَه عليه أَي تَضَعُونَه مَعْرُوضاً عليه أَي بالعَرْض؛ وعَرَضَ
الرُّمْحَ يَعْرِضُه عَرْضاً وعَرَّضَه؛ قال النابغة:
لَهُنَّ عَلَيْهم عادَةٌ قدْ عَرَفْنَها،
إِذا عَرَّضُوا الخَطِّيَّ فوقَ الكَواثِبِ
وعَرَضَ الرامي القَوْسَ عَرْضاً إِذا أَضجَعها ثم رَمى عنها. وعَرَضَ
له عارِضٌ من الحُمَّى وغَيرها. وعَرَضْتُهم على السيف قَتْلاً. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ واعترَضَ: انتَصَبَ ومَنَعَ وصار عارِضاً كالخشَبةِ
المنتصبةِ في النهر والطريق ونحوها تَمْنَعُ السالكين سُلوكَها. ويقال:
اعتَرَضَ الشيءُ دون الشيءِ أَي حال دونه. واعتَرَضَ الشيءَ: تَكَلَّفَه.
وأَعرَضَ لك الشيءُ من بَعِيدٍ: بدَا وظَهَر؛ وأَنشد:
إِذا أَعْرَضَتْ داويَّةٌ مُدْلَهِمَّةٌ،
وغَرَّدَ حادِيها فَرَيْنَ بها فِلْقا
(* قوله «فلقا» بالكسر هو الامر العجب، وأَنشد الصحاح: إِذا اعرضت البيت
شاهداً عليه وتقدم في غرد ضبطه بفتح الفاء.)
أَي بَدَتْ. وعَرَضَ له أَمْرُ كذا أَي ظهر. وعَرَضْتُ عليه أَمر كذا
وعَرَضْتُ له الشيء أَي أَظهرته له وأَبْرَزْتُه إِليه. وعَرَضْتُ الشيءَ
فأَعْرَضَ أَي أَظْهَرْتُه فظهر، وهذا كقولهم كَبَبْتُه فأَكَبَّ، وهو من
النوادر. وفي حديث عمر: تَدَعُون أَميرَ المؤمنين وهو مُعْرَضٌ لكم؛ هكذا
روي بالفتح، قال الحَرْبيّ: والصواب بالكسر. يقال: أَعْرَضَ الشيءُ
يُعْرِضُ من بعيد إِذا ظهَر، أَي تَدَعُونه وهو ظاهر لكم. وفي حديث عثمان بن
العاص: أَنه رأَى رجلاً فيه اعتِراضٌ، هو الظهور والدخول في الباطل
والامتناع من الحق. قال ابن الأَثير: واعتَرَضَ فلان الشيءَ تَكَلَّفَه.
والشيءُ مُعْرِضٌ لك: موجود ظاهر لا يمتنع. وكلُّ مُبْدٍ عُرْضَه مُعْرِضٌ؛
قال عمرو ابن كلثوم:
وأَعْرَضَتِ اليَمامةُ، واشمَخَرَّتْ
كأَسْيافٍ بأَيْدي مُصْلِتِينا
وقال أَبو ذؤيب:
بأَحْسَن منها حِينَ قامَتْ فأَعْرَضَتْ
تُوارِي الدُّمُوعَ، حِينَ جَدَّ انحِدارُها
واعتَرَضَ له بسهم: أَقْبَلَ قِبَلَه فرماه فقتلَه. واعتَرَضَ عَرْضه:
نَحا نَحْوَه. واعتَرَضَ الفرَسُ في رَسَنِه وتَعَرَّضَ: لم يَسْتَقِمْ
لقائدِه؛ قال الطرماح:
وأَراني المَلِيكُ رُشْدي، وقد كنْـ
ـتُ أَخا عُنجُهِيَّةٍ واعتِراضِ
وقال:
تَعَرَّضَتْ، لم تَأْلُ عن قَتْلٍ لي،
تَعَرُّضَ المُهْرَةِ في الطِّوَلِّ
والعَرَضُ: من أَحْداثِ الدهر من الموت والمرض ونحو ذلك؛ قال الأَصمعي:
العَرَضُ الأَمر يَعْرِضُ للرجل يُبْتَلَى به؛ قال اللحياني: والعَرَضُ
ما عَرَضَ للإِنسان من أَمر يَحْبِسهُ من مَرَضٍ أَو لُصُوصٍ. والعَرَضُ:
ما يَعْرِضُ للإِنسان من الهموم والأَشغال. يقال: عَرَضَ لي يَعْرِضُ
وعَرِضَ يَعْرَضُ لغتان. والعارِضةُ: واحدة العَوارِضِ، وهي الحاجاتُ.
والعَرَضُ والعارِضُ: الآفةُ تَعْرِضُ في الشيء، وجَمْعُ العَرَضِ أَعْراضٌ،
وعَرَضَ له الشكُّ ونحوُه من ذلك.
وشُبْهةٌ عارِضةٌ: معترضةٌ في الفؤاد. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه:
يَقْدَحُ الشكُّ في قلبه بأَوَّلِ عارِضَةٍ من شُبْهَةٍ؛ وقد تكونُ
العارِضَةُ هنا مصدراً كالعاقبة والعافية.
وأَصَابَه سَهْمُ عَرَضٍ وحَجَرُ عَرَضٍ مُضاف، وذلك أَن يُرْمى به
غيْرُه عمداً فيصاب هو بتلك الرَّمْيةِ ولم يُرَدْ بها، وإِن سقَط عليه حجر
من غير أَن يَرْمِيَ به أَحد فليس بعرَض. والعَرَضُ في الفلسفة: ما يوجد
في حامله ويزول عنه من غير فساد حامله، ومنه ما لا يَزُولُ عنه، فالزّائِل
منه كأُدْمةِ الشُّحُوبِ وصفرة اللون وحركة المتحرّك، وغيرُ الزائل
كسَواد القارِ والسَّبَجِ والغُرابِ.
وتَعَرَّضَ الشيءُ: دخَلَه فَسادٌ، وتَعَرَّضَ الحُبّ كذلك؛ قال لبيد:
فاقْطَعْ لُبانةَ مَنْ تَعَرَّضَ وَصْلُه،
ولَشَرُّ واصِلِ خُلّةٍ صَرّامُها
وقيل: من تعرّض وصله أَي تعوّج وزاغَ ولم يَسْتَقِم كما يَتَعَرَّضُ
الرجل في عُرُوض الجَبل يميناً وشمالاً؛ قال امرؤ القيس يذكر الثريَّا:
إِذا ما الثُّرَيّا في السماءِ تَعَرَّضَتْ،
تَعَرُّضَ أَثْناءِ الوِشاحِ المُفَصَّلِ
أَي لم تَسْتَقِمْ في سيرها ومالتْ كالوِشاح المُعَوَّجِ أَثناؤه على
جارية تَوَشَّحَتْ به. وعَرَضُ الدنيا: ما كان من مال، قلّ أَو كَثُر.
والعَرَضُ: ما نِيلَ من الدنيا. يقال: الدّنيا عَرَضٌ حاضر يأْكل منها البَرّ
والفاجر، وهو حديث مَرْوِيّ. وفي التنزيل: يأْخذون عرَض هذا الأَدنى
ويقولون سيغفر لنا؛ قال أَبو عبيدة: جميع مَتاعِ الدنيا عرَض، بفتح الراء.
وفي الحديث: ليْسَ الغِنى عن كَثْرة العَرَضِ إِنما الغِنى غِنى النفس؛
العَرَضُ، بالتحريك: متاع الدّنيا وحُطامُها، وأَما العَرْض بسكون الراء
فما خالف الثَّمَنَينِ الدّراهِمَ والدّنانيرَ من مَتاعِ الدنيا وأَثاثِها،
وجمعه عُروضٌ، فكل عَرْضٍ داخلٌ في العَرَض وليس كل عَرَضٍ عَرْضاً.
والعَرْضُ: خِلافُ النقْد من المال؛ قال الجوهري: العَرْضُ المتاعُ، وكلُّ
شيء فهو عَرْضٌ سوى الدّراهِمِ والدّنانير فإِنهما عين. قال أَبو عبيد:
العُرُوضُ الأَمْتِعةُ التي لا يدخلها كيل ولا وَزْنٌ ولا يكون حَيواناً
ولا عَقاراً، تقول: اشتريت المَتاعَ بِعَرْضٍ أَي بمتاع مِثْلِه،
وعارَضْتُه بمتاع أَو دابّة أَو شيء مُعارَضةً إِذا بادَلْتَه به.
ورجلٌ عِرِّيضٌ مثل فِسِّيقٍ: يَتَعَرَّضُ الناسَ بالشّرِّ؛ قال:
وأَحْمَقُ عِرِّيضٌ عَلَيْهِ غَضاضةٌ،
تَمَرَّسَ بي مِن حَيْنِه، وأَنا الرَّقِمْ
واسْتَعْرَضَه: سأَله أَنْ يَعْرِضَ عليه ما عنده. واسْتَعْرَض: يُعْطِي
(* قوله «واستعرض يعطي» كذا بالأصل.) مَنْ أَقْبَلَ ومَنْ أَدْبَرَ.
يقال: اسْتَعْرِضِ العَرَبَ أَي سَلْ مَنْ شئت منهم عن كذا وكذا.
واسْتَعْرَضْتُه أَي قلت له: اعْرِضْ عليّ ما عندك.
وعِرْضُ الرجلِ حَسبَهُ، وقيل نفْسه، وقيل خَلِيقَته المحمودة، وقيل ما
يُمْدح به ويُذَمُّ. وفي الحديث: إِن أَغْراضَكم عليكم حَرامٌ كحُرْمةِ
يومكم هذا؛ قال ابن الأَثير: هو جمع العِرْض المذكور على اختلاف القول
فيه؛ قال حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
لِعِرْض مُحَمَّدٍ مِنْكُم وِقَاءُ
قال ابن الأَثير: هذا خاصّ للنفس. يقال: أَكْرَمْت عنه عِرْضِي أَي
صُنْتُ عنه نَفْسي، وفلان نَقِيُّ العِرْض أَي بَرِيءٌ من أَن يُشْتَم أَو
يُعابَ، والجمع أَعْراضٌ. وعَرَضَ عِرْضَه يَعْرِضُه واعتَرَضَه إِذا وقع
فيه وانتَقَصَه وشَتَمه أَو قاتَله أَو ساواه في الحسَب؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
وقَوْماً آخَرِينَ تَعَرَّضُوا لي،
ولا أَجْني من الناسِ اعتِراضا
أَي لا أَجْتَني شَتْماً منهم. ويقال: لا تُعْرِضْ عِرْضَ فلان أَي لا
تَذْكُرْه بسوء، وقيل في قوله شتم فلان عِرْضَ فلان: معناه ذكر أَسلافَه
وآباءَه بالقبيح؛ ذكر ذلك أَبو عبيد فأَنكر ابن قتيبة أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباء، وقال: العِرْض نَفْسُ الرجل، وقال في قوله يَجْرِي
(*
قوله «يجري» نص النهاية: ومنه حديث صفة أهل الجنة إِنما هو عرق يجري،
وساق ما هنا.) من أَعْراضِهم مِثلُ ريحِ المسكِ أَي من أَنفسهم وأَبدانِهم؛
قال أَبو بكر: وليس احتجاجه بهذا الحديث حجة لأَن الأَعراضَ عند العرب
المَواضِعُ التي تَعْرَقُ من الجسد؛ ودل على غَلَطِه قول مِسْكِين
الدارِميّ:
رُبَّ مَهْزولٍ سَمِينٌ عِرْضُه،
وسمِينِ الجِسْمِ مَهْزُولُ الحَسَبْ
معناه: رُبَّ مَهْزُولِ البدَن والجسم كريمُ الآباءِ. وقال اللحياني:
العِرْضُ عِرْضُ الإِنسان، ذُمَّ أَو مُدِحَ، وهو الجسَد. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، للحطيئة: كأَنِّي بك عند بعض الملوك تُغَنِّيه بأَعراضِ
الناس أَي تُغَني بذَمِّهم وذَمِّ أَسلافِهم في شعرك وثَلْبِهم؛ قال
الشاعر:ولكنَّ أَعْراضَ الكِرام مَصُونةٌ،
إِذا كان أَعْراضُ اللِّئامِ تُفَرْفَرُ
وقال آخر:
قاتَلَكَ اللّهُ ما أَشَدَّ عَلَيْـ
ـك البَدْلَ في صَوْنِ عِرْضِكَ الجَرِب
يُرِيدُ في صَوْنِ أَسلافِك اللِّئامِ؛ وقال في قول حسان:
فإِنَّ أَبي ووالِدَه وعِرْضِي
أَراد فإِنّ أَبي ووالده وآبائي وأَسلافي فأَتى بالعُموم بعد الخُصوص
كقوله عزّ وجلّ: ولقد آتيناك سَبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم، أَتى
بالعموم بعد الخصوص. وفي حديث أَبي ضَمْضَم: اللهم إِنِّي تَصَدَّقْتُ
بِعِرْضِي على عبادك أَي تصدّقت على من ذكرني بما يَرْجِعُ إِليَّ عَيْبُه،
وقيل: أَي بما يلحقني من الأَذى في أَسلافي، ولم يرد إِذاً أَنه تصدَّق
بأَسلافه وأَحلّهم له، لكنه إِذا ذكَرَ آباءه لحقته النقيصة فأَحلّه مما
أَوصله إِليه من الأَذى. وعِرْضُ الرجل: حَسَبُه. ويقال: فلان كريم العِرْضِ
أِي كريم الحسَب. وأَعْراضُ الناس: أَعراقُهم وأَحسابُهم وأَنْفُسهم.
وفلان ذو عِرْضٍ إِذا كانَ حَسِيباً. وفي الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلُّ
عُقُوبَتَه وعِرْضَهُ أَي لصاحب الدَّيْنِ أَن يَذُمَّ عِرْضَه ويَصِفَه
بسوء القضاء، لأَنه ظالم له بعدما كان محرماً منه لا يَحِلُّ له اقْتِراضُه
والطَّعْنُ عليه، وقيل: عِرْضَه أَن يُغْلِظَ له وعُقُوبته الحَبْس،
وقيل: معناه أَنه يُحِلّ له شِكايَتَه منه، وقيل: معناه أَن يقول يا ظالم
أَنْصِفْني، لأَنه إِذا مَطَلَه وهو غنيّ فقد ظَلَمه. وقال ابن قتيبة:
عِرْضُ الرجل نَفْسُه وبَدَنُه لا غير. وفي حديث النعمان بن بَشِير عن النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم: فمن اتقى الشُّبُهات اسْتَبْرَأَ لِدِينِه
وعِرْضِه أَي احْتاطَ لنفسه، لا يجوز فيه معنى الآباءِ والأَسْلافِ. وفي
الحديث: كلُّ المُسْلِم على المسلِم حَرام دَمُه ومالُه وعِرْضُه؛ قال ابن
الأَثير: العِرْضُ موضع المَدْحِ والذَّمِّ من الإِنسان سواء كان في نَفْسِه
أَو سَلَفِه أَو من يلزمه أَمره، وقيل: هو جانبه الذي يَصُونُه من نفْسه
وحَسَبِه ويُحامي عنه أَن يُنْتَقَصَ ويُثْلَبَ، وقال أَبو العباس: إِذا
ذكر عِرْضُ فلان فمعناه أُمُورُه التي يَرْتَفِعُ أَو يَسْقُطُ بذكرها
من جهتها بِحَمْدٍ أَو بِذَمّ، فيجوز أَن تكون أُموراً يوصف هو بها دون
أَسْلافه، ويجوز أَن تذكر أَسلافُه لِتَلحَقه النّقِيصة بعيبهم، لا خلاف
بين أَهل اللغة فيه إِلا ما ذكره ابن قتيبة من إِنكاره أَن يكون العِرْضُ
الأَسْلافَ والآباءَ؛ واحتج أَيضاً بقول أَبي الدرداء: أَقْرِضْ من
عِرْضِك ليوم فَقْرِك، قال: معناه أَقْرِضْ مِنْ نَفْسِك أَي مَنْ عابك وذمّك
فلا تُجازه واجعله قَرْضاً في ذمته لِتَسْتَوفِيَه منه يومَ حاجتِكَ في
القِيامةِ؛ وقول الشاعر:
وأُدْرِكُ مَيْسُورَ الغِنى ومَعِي عِرْضِي
أَي أَفعالي الجميلة؛ وقال النابغة:
يُنْبِئْكِ ذُو عِرْضهِمْ عَنِّي وعالِمُهُمْ،
ولَيْسَ جاهِلُ أَمْرٍ مثْلَ مَنْ عَلِما
ذو عِرْضِهم: أَشْرافُهُم، وقيل: ذو عِرْضِهم حَسَبهم، والدليل على أَن
العرض ليس بالنفْسِ ولا البدن قوله، صلّى اللّه عليه وسلّم: دمُه
وعِرْضُه، فلو كان العرض هو النفس لكان دمه كافياً عن قوله عِرْضُه لأَن الدم
يراد به ذَهابُ النفس، ويدل على هذا قول عمر للحطيئة: فانْدَفَعْتَ
تُغَنِّي بأَعْراضِ المسلمين، معناه بأَفعالهم وأَفعال أَسلافهم. والعِرْضُ:
بَدَنُ كل الحيوان. والعِرْضُ: ما عَرِقَ من الجسد. والعِرْضُ: الرائِحة ما
كانت، وجمعها أَعْراضٌ. وروي عن النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَنه ذكر
أَهل الجنة فقال: لا يَتَغَوّطُون ولا يَبُولونَ إِنما هو عَرَقٌ يجري من
أَعْراضِهم مثل ريح المِسْك أَي من مَعاطفِ أَبْدانهم، وهي المَواضِعُ
التي تَعْرَقُ من الجسد. قال ابن الأَثير: ومنه حديث أُم سلمة لعائشة:
غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ أَي إِنهن للخَفَر والصّوْن
يَتَسَتَّرْن؛ قال: وقد روي بكسر الهمزة، أَي يُعْرِضْنَ كما كُرِهَ لهن أَن
يَنْظُرْنَ إِليه ولا يَلْتَفِتْنَ نحوه. والعِرْضُ، بالكسر: رائحة الجسد
وغيره، طيبة كانت أَو خبيثة. والعِرْضُ والأَعْراضُ: كلّ مَوْضِع يَعْرَقُ من
الجسد؛ يقال منه: فلان طيب العِرْضِ أَي طيّب الريح، ومُنْتنُ العِرْضِ،
وسِقاءٌ خبيثُ العِرْضِ إِذا كان مُنْتناً. قال أَبو عبيد: والمعنى في
العِرْضِ في الحديث أَنه كلُّ شيء من الجسد من المغابِنِ وهي الأَعْراضُ،
قال: وليس العِرْضُ في النسب من هذا في شيء. ابن الأَعرابي: العِرْضُ
الجسد والأَعْراضُ الأَجْسادُ، قال الأَزهري: وقوله عَرَقٌ يجري من أَعراضهم
معناه من أَبْدانِهم على قول ابن الأَعرابي، وهو أَحسن من أَن يُذْهَبَ
به إِلى أَعراضِ المَغابِنِ. وقال اللحياني: لبَن طيّب العِرْضِ وامرأَة
طيّبة العِرْضِ أَي الريح. وعَرَّضْتُ فلاناً لكذا فَتَعَرَّضَ هو له،
والعِرْضُ: الجماعةُ من الطَّرْفاءِ والأَثْلِ والنَّخْلِ ولا يكون في
غيرهن، وقيل: الأَعْراضُ الأَثْلُ والأَراكُ والحَمْضُ، واحدها عَرْضٌ؛
وقال:والمانِع الأَرْضَ ذاتَِ العَرْضِ خَشْيَتُه،
حتى تَمنَّعَ مِنْ مَرْعىً مَجانِيها
والعَرُوضاواتُ
(* قوله «العروضاوات؛ هكذا بالأصل، ولم نجدها فيما عندنا
من المعاجم.): أَماكِنُ تُنْبِتُ الأَعْراضَ هذه التي ذكرناها.
وعارَضْتُ أَي أَخَذْتُ في عَروضٍ وناحيةٍ. والعِرْضُ: جَوُّ البَلَد وناحِيتُه
من الأَرض. والعِرْضُ: الوادِي، وقيل جانِبُه، وقيل عِرْضُ كل شيء
ناحيته. والعِرْضُ: وادٍ باليَمامةِ؛ قال الأَعشى:
أَلم تَرَ أَنَّ العِرْضَ أَصْبَحَ بَطْنُه
نَخِيلاً، وزَرْعاً نابِتاً وفَصافِصا؟
وقال الملتمس:
فَهَذا أَوانُ العِرْضِ جُنَّ ذُبابُه:
زَنابِيرُه والأَزْرَقُ المُتَلَمِّسُ
الأَزْرَقُ: الذُّبابُ. وقيل: كلُّ وادٍ عِرضٌ، وجَمْعُ كلِّ ذلك
أَعراضٌ لا يُجاوَزُ. وفي الحديث: أَنه رُفِعَ لرسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، عارِضُ اليمامةِ؛ قال: هو موضعٌ معروف. ويقال للجبل: عارِضٌ؛ قال
أَبو عبيدة: وبه سمّي عارِضُ اليمامةِ، قال: وكلُّ وادٍ فيه شجر فهو
عِرْضٌ؛ قال الشاعر شاهداً على النكرة:
لَعِرْضٌ مِنَ الأَعْراضِ يُمسِي حَمامُه،
ويُضْحِي على أَفْنانِه الغِينِ يَهْتِفُ،
(* قوله «الغين» جمع الغيناء، وهي الشجرة الخضراء كما في الصحاح.)
أَحَبُّ إِلى قَلْبي مِنَ الدِّيكِ رَنّةً
وبابٍ، إِذا ما مالَ للغَلْقِ يَصْرِفُ
ويقال: أَخصَبَ ذلك العِرْضُ، وأَخصَبَتْ أَعراضُ المدينة وهي قُراها
التي في أَوْدِيتها، وقيل: هي بُطونُ سَوادِها حيث الزرعُ والنخيل.
والأَعْراضُ: قُرىً بين الحجاز واليمن.
وقولهم: استُعْمِلَ فلان على العَرُوض، وهي مكة والمدينة واليمن وما
حولها؛ قال لبيد:
نُقاتِلُ ما بَيْنَ العَرُوضِ وخَثْعَما
أَي ما بين مكة واليمن. والعَرُوضُ: الناحيةُ. يقال: أَخذ فلان في
عَروضٍ ما تُعْجِبُني أَي في طريق وناحية؛ قال التَّغْلَبيّ:
لكلِّ أُناسٍ، مِنْ مَعَدٍّ، عَمارةٍ،
عَرُوضٌ، إِليها يَلْجَؤُونَ، وجانِبُ
يقول: لكل حَيّ حِرْز إِلا بني تَغْلِبَ فإِن حِرْزَهم السُّيوفُ،
وعَمارةٍ خفض لأَنه بدل من أُناس، ومن رواه عُروضٌ، بضم العين، جعله جمع عَرْض
وهو الجبل، وهذا البيت للأَخنس بن شهاب.
والعَرُوضُ: المكانُ الذي يُعارِضُكَ إِذا سِرْتَ. وقولهم: فلان رَكُوضٌ
بلا عَرُوضٍ أَي بلا حاجة عَرَضت له.
وعُرْضُ الشيء، بالضم: ناحِيتُه من أَي وجه جِئْتَه. يقال: نظر إِليه
بعُرْضِ وجهه. وقولهم: رأَيتُه في عرض الناس أَي هو من العامة
(* قوله «في
عرض الناس أَي هو من العامة» كذا بالأصل، والذي في الصحاح: في عرض الناس
أَي فيما بينهم، وفلان من عرض الناس أَي هو من العامة.). قال ابن سيده:
والعَرُوضُ مكة والمدينة، مؤنث. وفي حديث عاشوراء: فأَمَرَ أَن يُؤْذِنُوا
أَهلَ العَرُوضِ؛ قيل: أَراد مَنْ بأَ كنافِ مكة والمدينة. ويقال
للرَّساتِيقِ بأَرض الحجاز الأَعْراضُ، واحدها عِرْضٌ؛ بالكسر، وعَرَضَ الرجلُ
إِذا أَتَى العَرُوضَ وهي مكة والمدينة وما حولهما؛ قال عبد يغوث بن
وقّاص الحارثي:
فَيا راكِبَا إِمّا عَرَضْتَ، فَبَلِّغا
نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَنْ لا تَلاقِيا
قال أَبو عبيد: أَراد فيا راكباه للنُّدْبة فحذف الهاء كقوله تعالى: يا
أَسَفَا على يوسف، ولا يجوز يا راكباً بالتنوين لأَنه قصد بالنداء راكباً
بعينه، وإِنما جاز أَن تقول يا رجلاً إِذا لم تَقْصِدْ رجلاً بعينه
وأَردت يا واحداً ممن له هذا الاسم، فإِن ناديت رجلاً بعينه قلت يا رجل كما
تقول يا زيد لأَنه يَتَعَرَّفُ بحرف النداء والقصد؛ وقول الكميت:
فأَبْلِغْ يزيدَ، إِنْ عَرَضْتَ، ومُنْذِراً
وعَمَّيْهِما، والمُسْتَسِرَّ المُنامِسا
يعني إِن مَرَرْتَ به. ويقال: أَخَذْنا في عَرُوضٍ مُنْكَرَةٍ يعني
طريقاً في هبوط. ويقال: سِرْنا في عِراضِ القوم إِذا لم تستقبلهم ولكن جئتهم
من عُرْضِهم؛ وقال ابن السكيت في قول البَعِيثِ:
مَدَحْنا لها رَوْقَ الشَّبابِ فَعارَضَتْ
جَنابَ الصِّبا في كاتِمِ السِّرِّ أَعْجَما
قال: عارَضَتْ أَخَذَتْ في عُرْضٍ أَي ناحيةٍ منه.
جَنابُ الصِّبا أَي جَنْبُهُ. وقال غيره: عارضت جناب الصِّبا أَي دخلت
معنا فيه دخولاً ليست بمُباحِتةٍ، ولكنها تُرينا أَنها داخلة معنا وليست
بداخلة. في كاتم السرّ أَعْجما أَي في فعل لا يَتَبَيَّنُه مَن يَراه، فهو
مُسْتَعْجِمٌ عليه وهو واضح عندنا.
وبَلَدٌ ذو مَعْرَضٍ أَي مَرْعىً يُغْني الماشية عن أَن تُعْلَف.
وعَرَّضَ الماشيةَ: أَغناها به عن العَلَف. والعَرْضُ والعارِضُ: السَّحابُ
الذي يَعْتَرِضُ في أُفُقِ السماء، وقيل: العَرْضُ ما سدَّ الأُفُق، والجمع
عُروضٌ؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيّةَ:
أَرِقْتُ له حتى إِذا ما عُروضُه
تَحادَتْ، وهاجَتْها بُروقٌ تُطِيرُها
والعارِضُ: السَّحابُ المُطِلُّ يَعْتَرِض في الأُفُقِ. وفي التنزيل في
قضية قوم عادٍ: فلما رأَوْه عارِضاً مستقبل أَوديتهم قالوا هذا عارض
مُمْطِرنا؛ أَي قالوا هذا الذي وُعِدْنا به سحاب فيه الغيث، فقال اللّه
تعالى: بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أَليم، وقيل: أَي ممطر لنا لأَنه
معرفة لا يجوز أَن يكون صفة لعارض وهو نكرة، والعرب إِنما تفعل مثل هذا في
الأَسماء المشتقة من الأَفعال دون غيرها؛ قال جرير:
يا رُبَّ غابِطِنا لو كان يَعْرِفُكم،
لاقَى مُباعَدَةً مِنْكم وحِرْمانَا
ولا يجوز أَن تقول هذا رجل غلامنا. وقال أَعرابي بعد عيد الفطر: رُبَّ
صائِمِه لن يصومه وقائمه لن يقومه فجعله نعتاً للنكرة وأَضافه إِلى
المعرفة. ويقال للرِّجْلِ العظيم من الجراد: عارِضٌ. والعارِضُ: ما سَدَّ
الأُفُق من الجراد والنحل؛ قال ساعدة:
رأَى عارِضاً يَعْوي إِلى مُشْمَخِرَّةٍ،
قَدَ احْجَمَ عَنْها كلُّ شيءٍ يَرُومُها
ويقال: مَرَّ بنا عارِضٌ قد مَلأَ الأُفق. وأَتانا جَرادٌ عَرْضٌ أَي
كثير. وقال أَبو زيد: العارِضُ السَّحابةُ تراها في ناحية من السماء، وهو
مثل الجُلْبِ إِلا أَن العارِضَ يكون أَبيض والجُلْب إِلى السواد.
والجُلْبُ يكون أَضْيَقَ من العارِضِ وأَبعد.
ويقال: عَرُوضٌ عَتُودٌ وهو الذي يأْكل الشجر بِعُرْضِ شِدْقِه.
والعَرِيضُ من المِعْزَى: ما فوق الفَطِيمِ ودون الجَذَع. والعَرِيضُ:
الجَدْي إِذا نزا، وقيل: هو إِذا أَتَى عليه نحو سنة وتناول الشجر والنبت،
وقيل: هو الذي رَعَى وقَوِيَ، وقيل: الذي أَجْذَعَ. وفي كتابه لأَقْوالِ
شَبْوَةَ: ما كان لهم من مِلْكٍ وعُرْمانٍ ومَزاهِرَ وعِرْضانٍ؛
العِرْضانُ: جمع العَرِيضِ وهو الذي أَتَى عليه من المعَز سنة وتناولَ الشجر
والنبت بِعُرْضِ شِدْقِه، ويجوز أَن يكون جمعَ العِرْضِ وهو الوادي الكثير
الشجر والنخيل. ومنه حديث سليمان، عليه السلام: أَنه حَكَمَ في صاحب الغنم
أَن يأْكل من رِسْلِها وعِرْضانِها. وفي الحديث: فَتَلَقَّتْه امرأَة
معها عَرِيضانِ أَهْدَتهما له، ويقال لواحدها عَروضٌ أَيضاً، ويقال
للعَتُودِ إِذا نَبَّ وأَراد السِّفادَ: عَرِيضٌ، والجمع عِرْضانٌ وعُرْضانٌ؛
قال الشاعر:
عَرِيضٌ أَرِيضٌ باتَ ييْعَرُ حَوْلَه،
وباتَ يُسَقِّينا بُطُونَ الثَّعالِبِ
قال ابن بري: أَي يَسْقِينا لبناً مَذِيقاً كأَنه بطون الثعالب. وعنده
عَرِيضٌ أَي جَدْي؛ ومثله قول الآخر:
ما بالُ زَيْدٍ لِحْية العَرِيضِ
ابن الأَعرابي: إِذا أَجْذَعَ العَنَاقُ والجَدْيُ سمي عَرِيضاً
وعَتُوداً، وعَرِيضٌ عَرُوضٌ إِذا فاته النبتُ اعْتَرَضَ الشوْكَ بِعُرْضِ
فيه.والعَنَمُ تَعْرُضُ الشوك: تَناوَلُ منه وتأْكُلُه، تقول منه: عَرَضَتِ
الشاةُ الشوكَ تَعْرُضُه والإِبلُ تَعْرُضُ عَرْضاً. وتَعْتَرِضُ:
تَعَلَّقُ من الشجر لتأْكله. واعْتَرَضَ البعيرُ الشوك: أَكله، وبَعِيرٌ
عَرُوضٌ: يأْخذه كذلك، وقيل: العَرُوضُ الذي إِن فاتَه الكَلأُ أَكل الشوك.
وعَرَضَ البعِيرُ يَعْرُضُ عَرْضاً: أَكلَ الشجر من أَعراضِه. قال ثعلب: قال
النضر بن شميل: سمعت أَعرابيّاً حجازيّاً وباع بعيراً له فقال: يأْكل
عَرْضاً وشَعْباً؛ الشعْبُ: أَن يَهْتَضِمَ الشجر من أَعْلاه، وقد تقدّم.
والعريضُ من الظِّباء: الذي قد قارَبَ الإِثْناءَ. والعرِيضُ، عند أَهل
الحجاز خاصة: الخَصِيُّ، وجمعه عِرْضانٌ وعُرْضانٌ. ويقال: أَعْرَضْتُ
العرضان إِذا خصيتها، وأَعرضتُ العرضان إِذا جعلتها للبيع، ولا يكون العرِيضُ
إِلا ذكراً.
ولَقِحَتِ الإِبلُ عِراضاً إِذا عارَضَها فَحْلٌ من إِبل أُخرى. وجاءت
المرأَة بابن عن مُعارَضةٍ وعِراضٍ إِذا لم يُعْرَفْ أَبوه. ويقال
للسَّفِيحِ: هو ابن المُعارَضةِ. والمُعارَضةُ: أَن يُعارِضَ الرجلُ المرأَةَ
فيأْتِيَها بلا نِكاح ولا مِلْك. والعَوارِضُ من الإِبل: اللَّواتي يأْكلن
العِضاه عُرْضاً أَي تأْكله حيث وجدته؛ وقول ابن مقبل:
مَهارِيقُ فَلُّوجٍ تَعَرَّضْنَ تالِيا
معناه يُعَرِّضُهُنَّ تالٍ يَقْرَؤُهُنَّ فَقَلَبَ. ابن السكيت: يقال ما
يَعْرُضُكَ لفلان، بفتح الياء وضم الراء، ولا تقل مل يُعَرِّضك،
بالتشديد.
قال الفراء: يقال مَرَّ بي فلان فما عَرَضْنا له، ولا تَعْرِضُ له ولا
تَعْرَضُ له لغتان جيّدتان، ويقال: هذه أَرضُ مُعْرَضةٌ يَسْتَعْرِضُها
المالُ ويَعْتَرِضُها أَي هي أَرض فيها نبت يرعاه المال إِذا مرَّ فيها.
والعَرْضُ: الجبَل، والجمع كالجمع، وقيل: العَرْضُ سَفْحُ الجبل
وناحيته، وقيل: هو الموضع الذي يُعْلى منه الجبل؛ قال الشاعر:
كما تَدَهْدَى مِن العَرْضِ الجَلامِيدُ
ويُشَبَّه الجيش الكثيف به فيقال: ما هو إِلاَّ عَرْضٌ أَي جبل؛ وأَنشد
لرؤبة:
إِنَّا، إِذا قُدْنا لِقَوْمٍ عَرْضا،
لم نُبْقِ مِن بَغْي الأَعادي عِضّا
والعَرْضُ: الجيْشُ الضَّخْمُ مُشَبَّهٌ بناحية الجبل، وجمعه أَعراضٌ.
يقال: ما هو إِلا عَرْضٌ من الأَعْراضِ، ويقال: شُبِّه بالعَرْضِ من
السَّحاب وهو ما سَدَّ الأُفُق. وفي الحديث: أَن الحجاج كان على العُرْضِ
وعنده ابن عمر؛ كذا روي بالضم؛ قال الحربي: أَظنه أَراد العُروضَ جَمْعَ
العَرْضِ وهو الجَيْش.
والعَرُوضُ: الطريقُ في عُرْض الجبل، وقيل: هو ما اعتَرَضَ في مَضِيقٍ
منه، والجمع عُرُضٌ. وفي حديث أَبي هريرة: فأَخذ في عَرُوضٍ آخر أَي في
طريق آخر من الكلام. والعَرُوضُ من الإِبل: التي لم تُرَضْ؛ أَنشد ثعلب
لحميد:
فما زالَ سَوْطِي في قِرابي ومِحْجَني،
وما زِلْتُ منه في عَرُوضٍ أَذُودُها
وقال شمر في هذا البيت أَي في ناحية أُدارِيه وفي اعْتِراضٍ.
واعْتَرَضَها: رَكِبَها أَو أَخَذَها رَيِّضاً. وقال الجوهري: اعتَرَضْتُ البعير
رَكِبْتُه وهو صَعْبٌ.
وعَرُوضُ الكلام: فَحْواهُ ومعناه. وهذه المسأَلة عَرُوضُ هذه أَي
نظيرُها. ويقال: عرفت ذلك في عَرُوضِ كلامِه ومَعارِضِ كلامِه أَي في فَحْوَى
كلامه ومعنى كلامه.
والمُعْرِضُ: الذي يَسْتَدِينُ ممَّن أَمْكَنَه من الناس. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه، أَنه خَطَبَ فقال: إِنَّ الأُسَيْفِعَ أُسَيْفِعَ
جُهَيْنَةَ رَضِيَ من دِينِه وأَمانَتِه بأَن يقال سابِقُ الحاجِّ فادّان
مُعْرِضاً فأَصْبَحَ قَدْ رِينَ به، قال أَبو زيد: فادّانَ مُعْرِضاً يعني
اسْتَدانَ معرضاً وهو الذي يَعْرِضُ للناسِ فَيَسْتَدِينُ ممَّنْ أَمْكَنَه.
وقال الأَصمعي في قوله فادّانَ مُعْرِضاً أَي أَخذَ الدين ولم يُبالِ
أَن لا يُؤَدِّيه ولا ما يكون من التَّبِعة. وقال شمر: المُعْرِضُ ههنا
بمعنى المُعْتَرِض الذي يَعْتَرِضُ لكل من يُقْرِضُه، والعرب تقول: عَرَضَ
لي الشيء وأَعْرَضَ وتَعَرَّضَ واعْتَرَضَ بمعنى واحد. قال ابن الأَثير:
وقيل إِنه أَراد يُعْرِضُ إِذا قيل له لا تسْتَدِنْ فلا يَقْبَلُ، مِن
أَعْرَضَ عن الشيء إِذا ولاَّه ظهره، وقيل: أَراد مُعْرِضاً عن الأَداءِ
مُوَليِّاً عنه. قال ابن قتيبة: ولم نجد أَعْرَضَ بمعنى اعتَرَضَ في كلام
العرب، قال شمر: ومن جعل مُعْرِضاً ههنا بمعنى الممكن فهو وجه بعيد لأَن
مُعْرِضاً منصوب على الحال من قولك فادّان، فإِذا فسرته أَنه يأْخذه ممن
يمكنه فالمُعْرِضُ هو الذي يُقْرِضُه لأَنه هو المُمْكِنُ، قال: ويكون
مُعْرِضاً من قولك أَعْرَضَ ثوبُ المَلْبَس أَي اتَّسَعَ وعَرُضَ؛ وأَنشد
لطائِيٍّ في أَعْرَضَ بمعنى اعْتَرَضَ:
إِذا أَعْرَضَتْ للناظِرينَ، بَدا لهمْ
غِفارٌ بأَعْلى خَدِّها وغُفارُ
قال: وغِفارٌ مِيسَمٌ يكون على الخد. وعُرْضُ الشيء: وسَطُه وناحِيتُه.
وقيل: نفْسه. وعُرْضُ النهر والبحر وعُرْضُ الحديث وعُراضُه: مُعْظَمُه،
وعُرْضُ الناسِ وعَرْضُهم كذلك، قال يونس: ويقول ناس من العرب: رأَيته في
عَرْضِ الناس يَعْنُونَ في عُرْضٍ. ويقال: جرى في عُرْض الحديث، ويقال:
في عُرْضِ الناس، كل ذلك يوصف به الوسط؛ قال لبيد:
فَتَوَسَّطا عُرْضَ السَّرِيِّ، وصَدَّعا
مَسْجُورَةً مُتَجاوِراً قُلاَّمُها
وقول الشاعر:
تَرَى الرِّيشَ عَنْ عُرْضِه طامِياً،
كَعَرْضِكَ فَوْقَ نِصالٍ نِصالا
يصِفُ ماءً صار رِيشُ الطيرِ فوقه بعْضُه فوق بعض كما تَعْرِضُ نصْلاً
فوق نَصْلٍ.
ويقال: اضْرِبْ بهذا عُرْضَ الحائِط أَي ناحيته. ويقال: أَلْقِه في
أَيِّ أَعْراضِ الدار شئت، ويقال: خذه من عُرْضِ الناس وعَرْضِهم أَي من أَي
شِقٍّ شِئتَ. وعُرْضُ السَّيْفِ: صَفْحُه، والجمع أَعْراضٌ. وعُرْضا
العُنُق: جانباه، وقيل: كلُّ جانبٍ عُرْضٌ. والعُرْضُ: الجانب من كل شيء.
وأَعْرَضَ لك الظَّبْي وغيره: أَمْكَنَكَ مِن عُرْضِه، ونظر إِليه مُعارَضةً
وعن عُرْضٍ وعن عُرُضٍ أَي جانب مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ. وكل شيءٍ أَمكنك من
عُرْضه، فهو مُعْرِضٌ لك. يقال: أَعْرَضَ لك الظبي فارْمِه أَي وَلاَّك
عُرْضه أَي ناحيته. وخرجوا يضربون الناس عن عُرْضٍ أَي عن شقّ وناحية لا
يبالون مَن ضرَبوا؛ ومنه قولهم: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط أَي اعتَرِضْه
حيث وجدت منه أَيَّ ناحية من نواحيه. وفي الحديث: فإِذا عُرْضُ وجهِه
مُنْسَحٍ أَي جانبه. وفي الحديث: فَقَدَّمْتُ إِليه الشَّرابَ فإِذا هو
يَنِشُّ، فقال: اضْرِبْ به عُرْضَ الحائط. وفي الحديث: عُرِضَتْ عليّ الجنةُ
والنار آنِفاً في عُرْضِ هذا الحائط؛ العُرض، بالضم: الجانب والناحية من
كل شيء. وفي الحديث، حديث الحَجّ: فأَتَى جَمْرةَ الوادي فاستَعْرَضَها
أَي أَتاها من جانبها عَرْضاً
(* قوله: عَرضاً بفتح العين؛ هكذا في الأصل
وفي النهاية، والكلام هنا عن عُرض بضم العين.). وفي حديث عمر، رضي اللّه
عنه: سأَل عَمْرَو بن مَعْدِ يكَرِبَ عن علة بن حالد
(* قوله «علة بن
حالد» كذا بالأصل، والذي في النهاية: علة بن جلد.) فقال: أُولئِكَ فَوارِسُ
أَعراضِنا وشِفاءُ أَمراضِنا؛ الأَعْراضُ جَمْعُ عُرْضٍ وهو الناحية أَي
يَحْمونَ نَواحِينَا وجِهاتِنا عن تَخَطُّفِ العدوّ، أَو جمع عَرْضٍ وهو
الجيش، أَو جمع عِرْضٍ أَي يَصونون ببلائِهم أَعراضَنا أَن تُذَمّ
وتُعابَ.
وفي حديث الحسن: أَنه كان لا يَتَأَثَّم من قتل الحَرُورِيِّ
المُسْتَعْرِضِ؛ هو الذي يَعْتَرِضُ الناسَ يَقْتُلُهُم. واسْتَعْرَضَ الخَوارِجُ
الناسَ: لم يُبالوا مَن قَتَلُوه، مُسْلِماً أَو كافِراً، من أَيّ وجهٍ
أَمكَنَهم، وقيل: استَعْرَضوهم أَي قَتَلوا من قَدَرُوا عليه وظَفِرُوا
به.وأَكَلَ الشيءَ عُرْضاً أَي مُعْتَرِضاً. ومنه الحديث، حديث ابن
الحنفية: كُلِ الجُبْنَ عُرْضاً أَي اعتَرِضْه يعني كله واشتره ممن وجَدْتَه
كيفما اتَّفق ولا تسأَل عنه أَمِنْ عَمَلِ أَهلِ الكتابِ هو أَمْ مِنْ
عَمَلِ المَجُوس أَمْ مَنْ عَمَلِ غيرهم؛ مأْخوذ من عُرْضِ الشيء وهو ناحيته.
والعَرَضُ: كثرة المال.
والعُراضةُ: الهَدِيّةُ يُهْدِيها الرجل إِذا قَدِمَ من سفَر.
وعَرَّضَهم عُراضةً وعَرَّضَها لهم: أَهْداها أَو أَطعَمَهم إِيّاها. والعُراضةُ،
بالضم: ما يعَرِّضُه المائرُ أَي يُطْعِمُه من الميرة. يقال: عَرِّضونا
أَي أَطعِمونا من عُراضَتِكم؛ قال الأَجلح بن قاسط:
يَقْدُمُها كلُّ عَلاةٍ عِلْيانْ
حَمْراءَ مِنْ مُعَرِّضاتِ الغِرْبانْ
قال ابن بري: وهذان البيتان في آخر ديوان الشماخ، يقول: إِن هذه الناقة
تتقدّم الحادي والإِبل فلا يلحقها الحادي فتسير وحدها، فيسقُط الغراب على
حملها إِن كان تمراً أَو غيره فيأْكله، فكأَنها أَهدته له وعَرَّضَتْه.
وفي الحديث: أَن ركباً من تجّار المسلمين عَرَّضوا رسولَ اللّه، صلّى
اللّه عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه عنه، ثياباً بيضاً أَي أَهْدَوْا
لهما؛ ومنه حديث معاذ: وقالت له امرأَته وقد رجع من عمله أَين ما جئت به
مما يأْتي به العُمّال من عُراضةِ أَهْلِهم؟ تريد الهَدِيّة. يقال:
عَرَّضْتُ الرجل إِذا أَهديت له. وقال اللحياني: عُراضةُ القافل من سفره
هَدِيَّتُه التي يُهْدِيها لصبيانه إِذا قَفَلَ من سفره. ويقال: اشتر عُراضة
لأَهلك أَي هدية وشيئاً تحمله إِليهم، وهو بالفارسية راهْ آورَدْ؛ وقال أَبو
زيد في العُراضةِ الهَدِيّةِ: التعرِيضُ ما كان من مِيرةٍ أَو زادٍ بعد
أَن يكون على ظهر بعير. يقال: عَرِّضونا أَي أَطْعِمونا من ميرتكم. وقال
الأَصمعي: العُراضة ما أَطْعَمَه الرّاكِبُ من استطعمه من أَهل المياه؛
وقال هِمْيانُ:
وعَرَّضُوا المَجْلِسَ مَحْضاً ماهِجَا
أَي سَقَوْهُم لبناً رَقِيقاً. وفي حديث أَبي بكر وأَضْيافِه: وقد
عُرِضُوا فأَبَوْا؛ هو بتخفيف الراء على ما لم يسم فاعله، ومعناه أُطْعِمُوا
وقُدِّمَ لَهم الطّعامُ، وعَرَّضَ فلان إِذا دام على أَكل العَرِيضِ، وهو
الإِمَّرُ. وتَعَرَّضَ الرّفاقَ: سأَلَهم العُراضاتِ. وتَعَرَّضْتُ
الرّفاقَ أَسْأَلُهُم أَي تَصَدَّيْتُ لهم أَسأَلهم. وقال اللحياني:
تَعَرَّضْتُ مَعْروفَهم ولِمَعْرُوفِهم أَي تَصَدَّيْتُ.
وجعلت فلاناً عُرْضةً لكذا أَي نَصَبْتُه له.
والعارِضةُ: الشاةُ أَو البعير يُصِيبه الداء أَو السبع أَو الكسر
فَيُنْحَرُ. ويقال: بنو فلان لا يأْكلون إِلا العَوارِض أَي لا ينحرون الإِبل
إِلا من داء يُصِيبها، يَعِيبُهم بذلك، ويقال: بنو فلان أَكَّالُونَ
لِلْعَوارِضِ إِذا لم يَنْحَرُوا إِلا ما عَرَضَ له مَرَضٌ أَو كسْرٌ خوفاً
أَن يموت فلا يَنْتَفِعُوا به، والعرب تُغَيِّرُ بأَكله. ومنه الحديث:
أَنه بعث بُدْنَه مع رجل فقال: إِنْ عُرِضَ لها فانْحَرْها أَي إِن أَصابَها
مرض أَو كسر. قال شمر: ويقال عَرَضَتْ من إِبل فلان عارِضةٌ أَي
مَرِضَتْ وقال بعضهم: عَرِضَتْ، قال: وأَجوده عَرَضَتْ؛ وأَنشد:
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ،
فَلا تُهْدِ مِنْها، واتَّشِقْ وتَجَبْجَبِ
وعَرَضَتِ الناقةُ أَي أَصابها كسر أَو آفة. وفي الحديث: لكم في الوظيفة
الفَرِيضةُ ولكم العارِضُ؛ العارض المريضة، وقيل: هي التي أَصابها كسر.
يقال: عرضت الناقة إِذا أَصابها آفةٌ أَو كسر؛ أَي إِنا لا نأْخُذُ ذاتَ
العَيْب فَنَضُرَّ بالصدَقةِ. وعَرَضَت العارِضةُ تَعْرُضُ عَرْضاً:
ماتتْ من مَرَض. وتقول العرب إِذا قُرِّبَ إِليهم لحم: أَعَبيطٌ أَم عارضة؟
فالعَبيط الذي يُنحر من غير علة، والعارضة ما ذكرناه.
وفلانة عُرْضةٌ للأَزواج أَي قويّة على الزوج. وفلان عُرْضةٌ للشرّ أَي
قوي عليه؛ قال كعب بن زهير:
مِنْ كلِّ نَضَّاخةِ الذفْرَى، إِذا عَرِقَتْ،
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مَجْهُولُ
وكذلك الاثنان والجَمع؛ قال جرير:
وتلْقَى حبالى عُرْضةً لِلْمراجِمِ
(* قوله «وتلقى إلخ» كذا بالأصل.)
ويروى: جبالى. وفُلانٌ عُرْضةٌ لكذا أَي مَعْرُوضٌ له؛ أَنشد ثعلب:
طَلَّقْتهنّ، وما الطلاق بِسُنّة،
إِنّ النِّساءَ لَعُرْضةُ التَّطْلِيقِ
وفي التنزيل: ولا تَجْعَلُوا اللّهَ عُرْضةً لأَيْمانِكم أَنْ تَبَرُّوا
وتتقوا وتُصْلِحُوا؛ أَي نَصْباً لأَيْمانِكُم. الفراء: لا تجعلوا الحلف
باللّه مُعْتَرِضاً مانِعاً لكم أَن تَبَرُّوا فجعل العُرْضةَ بمعنى
المُعْتَرِض ونحو ذلك، قال الزجاج: معنى لا تجعلوا اللّه عرضة لأَيمانكم
أَنّ موضع أَن نَصْبٌ بمعنى عُرْضةً، المعنى لا تَعْتَرِضُوا باليمين باللّه
في أَن تَبَرُّوا، فلما سقطت في أَفْضَى معنى الاعْتِراضِ فَنَصَبَ أَن،
وقال غيره: يقال هم ضُعَفاءُ عُرْضةٌ لكل مَتَناوِلٍ إِذا كانوا نُهْزةً
لكل من أَرادهم. ويقال: جَعَلْتُ فلاناً عُرْضةً لكذا وكذا أَي نَصَبْته
له؛ قال الأَزهري: وهذا قريب مما قاله النحويون لأَنه إِذا نُصِبَ فقد
صار معترضاً مانعاً، وقيل: معناه أَي نَصْباً معترضاً لأَيمانكم كالغَرَض
الذي هو عُرضةٌ للرُّماة، وقيل: معناه قوّةٌ لأَيمانكم أَي تُشَدِّدُونها
بذكر اللّه. قال: وقوله عُرْضةً فُعْلة من عَرَضَ يَعْرِضُ. وكل مانِعٍ
مَنَعَك من شغل وغيره من الأَمراضِ، فهو عارِضٌ. وقد عَرَضَ عارِضٌ أَي
حال حائلٌ ومَنَعَ مانِعٌ؛ ومنه يقال: لا تَعْرِضْ ولا تَعْرَض لفلان أَي
لا تَعْرِض له بمَنْعِك باعتراضِك أَنْ يَقْصِدَ مُرادَه ويذهب مذهبه.
ويقال: سلكت طَريق كذا فَعَرَضَ لي في الطريق عارض أَي جبل شامخ قَطَعَ
عَليَّ مَذْهَبي على صَوْبي. قال الأَزهري: وللعُرْضةِ معنى آخر وهو الذي
يَعْرِضُ له الناس بالمكروه ويَقَعُونَ فيه؛ ومنه قول الشاعر:
وإِنْ تَتْرُكوا رَهْطَ الفَدَوْكَسِ عُصْبةً
يَتَامى أَيَامى عُرْضةً للْقَبائِلِ
أَي نَصْباً للقبائل يَعْتَرِضُهم بالمكْرُوهِ مَنْ شاءَ. وقال الليث:
فلان عُرْضةٌ للناس لا يَزالون يَقَعُونَ فيه.
وعَرَضَ له أَشَدَّ العَرْضِ واعْتَرَضَ: قابَلَه بنفسه. وعَرِضَتْ له
الغولُ وعَرَضَت، بالكسر والفتح، عَرَضاً وعَرْضاً: بَدَتْ.
والعُرْضِيَّةُ: الصُّعُوبَةُ، وقيل: هو أَن يَرْكَبَ رأْسه من
النَّخْوة. ورجل عُرْضِيٌّ: فيه عُرْضِيَّةٌ أَي عَجْرَفِيَّةٌ ونَخْوَةٌ
وصُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ في الفرس: أَن يَمْشِيَ عَرْضاً. ويقال: عَرَضَ
الفرسُ يَعْرِضُ عَرْضاً إِذا مَرَّ عارِضاً في عَدْوِه؛ قال رؤبة:
يَعْرِضُ حتى يَنْصِبَ الخَيْشُوما
وذلك إِذا عدَا عارِضاً صَدْرَه ورأْسَه مائلاً. والعُرُضُ، مُثَقَّل:
السيرُ في جانب، وهو محمود في الخيل مذموم في الإِبل؛ ومنه قول حميد:
مُعْتَرِضاتٍ غَيْرَ عُرْضِيَّاتِ،
يُصْبِحْنَ في القَفْرِ أتاوِيّاتِ
(* قوله «معترضات إلخ» كذا بالأصل، والذي في الصحاح تقديم العجز عكس ما
هنا.)
أَي يَلْزَمْنَ المَحَجَّةَ، وقيل في قوله في هذا الرجز: إِن اعتراضهن
ليس خلقة وإِنما هو للنشاط والبغي. وعُرْضِيٌّ: يَعْرِضُ في سيره لأَنه لم
تتم رياضته بعد. وناقة عُرْضِيَّةٌ: فيها صُعُوبةٌ. والعُرْضِيَّةُ:
الذَّلولُ الوسطِ الصعْبُ التصرفِ. وناقة عُرْضِيَّة: لم تَذِلّ كل
الذُّلِّ، وجمل عُرْضِيٌّ: كذلك؛ وقال الشاعر:
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُهُ
وفي حديث عمر وصف فيه نفسه وسِياسَته وحُسْنَ النظر لرعيته فقال، رضي
اللّه عنه: إِني أَضُمُّ العَتُودَ وأُلْحِقُ القَطُوفَ وأَزجرُ العَرُوضَ؛
قال شمر: العَرُوضُ العُرْضِيَّةُ من الإِبل الصَّعْبة الرأْسِ الذلولُ
وسَطُها التي يُحْمَلُ عليها ثم تُساقُ وسط الإِبل المحمَّلة، وإِن ركبها
رجل مضت به قُدُماً ولا تَصَرُّفَ لراكبها، قال: إِنما أَزجر العَرُوضَ
لأَنها تكون آخر الإِبل؛ قال ابن الأَثير: العَرُوض، بالفتح، التي تأْخذ
يميناً وشمالاً ولا تلزم المحجة، يقول: أَضربه حتى يعود إِلى الطريق،
جعله مثلاً لحسن سياسته للأُمة. وتقول: ناقة عَرَوضٌ وفيها عَرُوضٌ وناقة
عُرْضِيَّةٌ وفيها عُرْضِيَّةٌ إِذا كانت رَيِّضاً لم تذلل. وقال ابن
السكيت: ناقة عَرُوضٌ إِذا قَبِلَتْ بعض الرياضة ولم تَسْتَحْكِم؛ وقال شمر في
قول ابن أَحمر يصف جارية:
ومَنَحْتُها قَوْلي على عُرْضِيَّةٍ
عُلُطٍ، أُداري ضِغْنَها بِتَوَدُّدِ
قال ابن الأَعرابي: شبهها بناقة صعبة في كلامه إِياها ورفقه بها. وقال
غيره: مَنَحْتُها أَعَرْتُها وأَعطيتها. وعُرْضِيَّةٍ: صُعوبة فكأَن كلامه
ناقة صعبة. ويقال: كلمتها وأَنا على ناقة صعبة فيها اعتراض.
والعُرْضِيُّ: الذي فيه جَفاءٌ واعْتِراضٌ؛ قال العجاج:
ذُو نَخْوَةٍ حُمارِسٌ عُرْضِيُّ
والمِعْراضُ، بالكسر: سهم يُرْمَى به بلا ريش ولا نَصْل يَمْضِي عَرْضاً
فيصيب بعَرْضِ العود لا بحده. وفي حديث عَدِيّ قال: قلت للنبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَرْمي بالمِعْراضِ فَيَخْزِقُ، قال: إِنْ خَزَقَ فَكُلْ
وإِن أَصابَ بعَرضِه فلا تَأْكُلْ، أَراد بالمِعْراضِ سهماً يُرْمَى به
بلا رِيش، وأَكثر ما يصيب بعَرْض عُوده دون حَدِّه.
والمَعْرِضُ: المَكانُ الذي يُعْرَضُ فيه الشيءُ. والمِعْرَضُ: الثوب
تُعْرَضُ فيه الجارية وتُجَلَّى فيه، والأَلفاظ مَعارِيضُ المَعاني، من
ذلك، لأَنها تُجَمِّلُها.
والعارِضُ: الخَدُّ، يقال: أَخذ الشعر من عارِضَيْهِ؛ قال اللحياني:
عارِضا الوجه وعَرُوضَاه جانباه. والعارِضانِ: شِعاً الفَم، وقيل: جانبا
اللِّحية؛ قال عدي بن زيد:
لا تُؤاتِيكَ، إِنْ صَحَوْتَ، وإِنْ أَجْـ
ـهَدَ في العارِضَيْنِ مِنْك القَتِير
والعَوارِضُ: الثَّنايا سُميت عَوارِضَ لأَنها في عُرْضِ الفَم.
والعَوارِضُ: ما وَلِيَ الشِّدْقَيْنِ من الأَسنان، وقيل: هي أَرْبع أَسْنان
تَلي الأَنيابَ ثم الأَضْراسُ تَلي العَوارِضَ؛ قال الأَعشى:
غَرَّاء فَرْعاء مَصْقُول عَوارِضُها،
تَمْشِي الهُوَيْنا كما يَمْشي الوجِي الوَحِلُ
وقال اللحياني: العَوارِضُ من الأَضْراسِ، وقيل: عارِضُ الفَمِ ما يبدو
منه عند الضحك؛ قال كعب:
تَجْلُو عوارِضَ ذي ظَلْمٍ، إِذا ابْتَسَمَتْ،
كَأَنَّهُ مُنْهَلٌ بالرَّاحِ مَعْلُولُ
يَصِفُ الثَّنايا وما بعدها أَي تَكْشِفُ عن أَسْنانها. وفي الحديث: أَن
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ لتنظر إِلى امرأَة
فقال: شَمِّي عَوارِضَها، قال شمر: هي الأَسنان التي في عُرْضِ الفم وهي
ما بين الثنايا والأَضراس، واحدها عارضٌ، أَمَرَها بذلك لتَبُورَ به
نَكْهَتَها وريح فَمِها أَطَيِّبٌ أَم خبيث. وامرأَة نقِيَّةُ العَوارِض أَي
نقِيَّةُ عُرْضِ الفم؛ قال جرير:
أَتَذْكرُ يَومَ تَصْقُلُ عارِضَيْها،
بِفَرْعِ بَشامةِ، سُقيَ البَشامُ
قال أَبو نصر: يعني به الأَسنان ما بعد الثنايا، والثنايا ليست من
العَوارِضِ. وقال ابن السكيت: العارِضُ النابُ والضِّرْسُ الذي يليه؛ وقال
بعضهم: العارِضُ ما بين الثنية إِلى الضِّرْس واحتج بقول ابن مقبل:
هَزِئَتْ مَيّةُ أَنْ ضاحَكْتُها،
فَرَأَتْ عارِضَ عَوْدٍ قد ثَرِمْ
قال: والثَّرَمُ لا يكون في الثنايا
(* قوله «لا يكون في الثنايا» كذا
بالأصل، وبهامشه صوابه: لا يكون إِلا في الثنايا اهـ. وهو كذلك في الصحاح
وشرح ابن هشام لقصيد كعب بن زهير، رضي اللّه عنه.)، وقيل: العَوارِضُ ما
بين الثنايا والأَضراس، وقيل: العوارض ثمانية، في كل شِقٍّ أَربعةٌ فوق
وأَربعة أَسفل، وأَنشد ابن الأَعرابي في العارضِ بمعنى الأَسنان:
وعارِضٍ كجانبِ العِراقِ،
أَبَنْت بَرّاقاً مِنَ البَرّاقِ
العارِضُ: الأَسنان، شبه استِواءَها باستواء اسفل القرْبة، وهو العِراقُ
للسيْرِ الذي في أَسفل القِرْبة؛ وأَنشد أَيضاً:
لَمَّا رأَيْنَ دَرَدِي وسِنِّي،
وجَبْهةً مِثْلَ عِراقِ الشَّنِّ،
مِتُّ عليهن، ومِتْنَ مِنِّي
قوله: مُتّ عليهن أَسِفَ على شبابه، ومتن هُنّ من بغضي؛ وقال يصف
عجوزاً:تَضْحَكُ عن مِثْلِ عِراقِ الشَّنِّ
أَراد بِعِراقِ الشَّنِّ أَنه أَجْلَحُ أَي عن دَرادِرَ اسْتَوَتْ
كأَنها عِراقُ الشَّنِّ، وهي القِرْبةُ. وعارِضةُ الإِنسان: صَفْحتا خدّيه؛
وقولهم فلان خفيف العارِضَيْنِ يراد به خفة شعر عارضيه. وفي الحديث: من
سَعادةِ المرءِ خِفّة عارِضَيْه؛ قال ابن الأَثير: العارِضُ من اللحية ما
يَنْبُتُ على عُرْضِ اللَّحْيِ فوق الذقَن. وعارِضا الإِنسان: صفحتا خدّيه،
وخِفَّتُهما كناية عن كثرة الذكرِ للّه تعالى وحركتِهما به؛ كذا قال
الخطابي. وقال: قال ابن السكيت فلان خفيف الشفَةِ إِذا كان قليل السؤال
للناس، وقيل: أَراد بخفة العارضين خفة اللحية، قال: وما أَراه مناسباً.
وعارضةُ الوجه: ما يبدو منه. وعُرْضا الأَنف، وفي التهذيب: وعُرْضا أَنْفِ
الفرس مُبْتَدَأُ مُنْحَدَرِ قصَبته في حافتيه جميعاً. وعارِضةُ الباب:
مِساكُ العِضادَتَيْنِ من فوق مُحاذِيةً للأُسْكُفّةِ. وفي حديث عمرو بن
الأَهتم قال للزبْرِقانِ: إِنه لشديد العارضةِ أَي شدِيد الناحيةِ ذو جَلَدٍ
وصَرامةٍ، ورجل شديدُ العارضةِ منه على المثل. وإِنه لذُو عارضةٍ وعارضٍ
أَي ذُو جلَدٍ وصَرامةٍ وقُدْرةٍ على الكلام مُفَوّهٌ، على المثل أَيضاً.
وعَرَضَ الرجلُ: صار ذا عارضة. والعارضةُ: قوّةُ الكلامِ وتنقيحه
والرأْيُ الجَيِّدُ. والعارِضُ: سَقائِفُ المَحْمِل. وعوارِضُ البيتِ: خشَبُ
سَقْفِه المُعَرَّضةُ، الواحدة عارِضةٌ. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها:
نَصَبْتُ على باب حُجْرتي عَباءةً مَقْدَمَه من غَزاة خَيْبَرَ أَو
تَبُوكَ فهَتَكَ العَرْضَ حتى وقَع بالأَرض؛ حكى ابن الأَثير عن الهرويّ قال:
المحدثون يروونه بالضاد، وهو بالصاد والسين، وهو خشبة توضع على البيت
عَرْضاً إِذا أَرادوا تسقيفه ثم تُلْقى عليه أَطرافُ الخشَب القِصار، والحديث
جاء في سنن أَبي داود بالضاد المعجمة، وشرحه الخطابي في المَعالِم، وفي
غريب الحديث بالصاد المهملة، قال: وقال الراوي العَرْص وهو غلط، وقال
الزمخشري: هو العَرْصُ، بالصاد المهملة، قال: وقد روي بالضاد المعجمة لأَنه
يوضع على البيت عَرْضاً.
والعِرَضُّ: النَّشاطُ أَو النَّشِيطُ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي
محمد الفقعسي:
إِنّ لَها لَسانِياً مِهَضّا،
على ثَنايا القَصْدِ، أَوْ عِرَضّا
الساني: الذي يَسْنُو على البعير بالدلو؛ يقول: يَمُرُّ على مَنْحاتِه
بالغَرْبِ على طريق مستقيمة وعِرِضَّى من النَّشاطِ، قال: أَو يَمُرُّ على
اعْتراضٍ من نَشاطِه. وعِرِضّى، فِعِلَّى، من الاعْتراضِ مثل الجِيَضِّ
والجِيِضَّى: مَشْيٌ في مَيَلٍ. والعِرَضَّةُ والعِرَضْنةُ: الاعْتِراضُ
في السير من النَّشاطِ. والفرس تَعْدُو العِرَضْنى والعِرَضْنةَ
والعِرَضْناةَ أَي مُعْتَرِضةً مَرَّةً من وجه ومرّة من آخر. وناقة عِرَضْنةٌ،
بكسر العين وفتح الراء: مُعْتَرِضةٌ في السير للنشاط؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
تَرِدْ بِنا، في سَمَلٍ لَمْ يَنْضُبِ،
مِنْها عِرَضْناتٌ عِراضُ الأَرْنُبِ
العِرْضْناتُ ههنا: جمع عِرَضْنةٍ، وقال أَبو عبيد: لا يقال عِرَضْنةٌ
إِنما العِرَضْنةُ الاعْتراضُ. ويقال: فلان يَعْدو العِرَضْنةَ، وهو الذي
يَسْبِقُ في عَدْوه، وهو يمشي العِرَضْنى إِذا مَشَى مِشْيةً في شقّ فيها
بَغْيٌ من نَشاطه؛ وقول الشاعر:
عِرَضْنةُ لَيْلٍ ففي العِرَضْناتِ جُنَّحا
أَي من العِرَضْناتِ كما يقال رجل من الرجال. وامرأَة عِرَضْنةٌ: ذهبت
عَرْضاً من سِمَنِها. ورجل عِرْضٌ وامرأَة عِرْضةٌ وعِرْضَنٌ وعِرْضَنةٌ
إِذا كان يَعْتَرِضُ الناس بالباطل. ونظرت إِلى فلان عِرَضْنةً أَي
بِمُؤَخَّر عَيْني. ويقال في تصغير العِرَضْنى عُرَيْضِنٌ تَثْبُتُ النونُ
لأَنها ملحقة وتحذف الياء لأَنها غير ملحقة.
وقال أَبو عمرو: المُعارِضُ من الإِبلِ العَلُوقُ وهي التي ترأَم
بأَنْفِها وتَمْنَعُ دَرَّها. وبعير مُعارِضٌ إِذا لم يَسْتَقم في
القِطار.والإِعْراضُ عن الشيء: الصدُّ عنه. وأَعْرَضَ عنه: صَدّ. وعَرَضَ لك
الخيرُ يَعْرِضُ عُروضاً وأَعْرَضَ: أَشْرَفَ. وتَعَرَّضَ مَعْرُوفَه وله:
طَلَبَه؛ واستعمل ابن جني التَّعْرِيضَ في قوله: كان حَذْفُه أَو
التَّعْرِيضُ لحَذْفِه فساداً في الصنْعة.
وعارَضَه في السير: سار حِياله وحاذاه. وعارَضَه بما صَنَعَه: كافأَه.
وعارض البعيرُ الريحَ إِذا لم يستقبلها ولم يستدبرها.
وأَعْرَض الناقةَ على الحوض وعَرَضَها عَرْضاً: سامَها أَن تشرب،
وعَرَضَ عَلَيّ سَوْمَ عالّةٍ: بمعنى قول العامة عَرْضَ سابِرِيّ. وفي المثل:
عَرْضَ سابِرِيّ، لأَنه يُشترى بأَوّل عَرْض ولا يُبالَغُ فيه. وعَرَضَ
الشيءُ يَعْرِضُ: بدا. وعُرَضَّى: فُعَلَّى من الإِعْراضِ، حكاه سيبويه.
ولقِيه عارِضاً أَي باكِراً، وقيل: هو بالغين معجمة. وعارضاتُ الوِرْد
أَوّله؛ قال:
كِرامٌ يَنالُ الماءَ قَبْلَ شفاهِهِمْ،
لَهُمْ عارِضات الوِرْدِ شُمُّ المَناخِرِ
لهم منهم؛ يقول: تقَع أُنوفُهم في الماء قبل شِفاههم في أَوّل وُرُودِ
الوِرْدِ لأَن أَوّله لهم دون الناس.
وعَرَّضَ لي بالشيء: لم يُبَيِّنْه.
وتَعَرُضَ: تعَوَّجَ. يقال: تعرَّض الجملُ في الجبَل أَخَذ منه في
عَرُوضٍ فاحتاج أَن يأْخذ يميناً وشمالاً لصعوبة الطريق؛ قال عبد اللّه ذو
البِجادين المزنيُّ وكان دليلَ النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، يخاطب ناقته
وهو يقودُها به، صلّى اللّه عليه وسلّم، على ثَنِيّةِ رَكوبةَ، وسمي ذا
البِجادَيْنِ لأَنه حين أَراد المسير إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
قطعت له أُمّه بِجاداً باثنين فَأْتَزَرَ بواحد وارْتَدى بآخَر:
تَعَرَّضِي مَدارِجاً وسُومي،
تَعَرَّضَ الجَوْزاءِ للنُّجُومِ،
هو أَبُو القاسِمِ فاسْتَقِيمي
ويروى: هذا أَبو القاسم. تَعَرَّضِي: خُذِي يَمْنةً ويَسْرةً وتَنَكَّبي
الثنايا الغِلاظ تَعَرُّضَ الجَوْزاءِ لأَن الجوزاء تمر على جنب
مُعارضةً ليست بمستقيمة في السماء؛ قال لبيد:
أَو رَجْعُ واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورُها
كِفَفاً، تَعَرَّضَ فَوْقَهُنّ وِشامُها
قال ابن الأَثير: شبهها بالجوزاء لأَنها تمرّ معترضة في السماء لأَنها
غير مستقيمة الكواكب في الصورة؛ ومنه قصيد كعب:
مَدْخُوسةٌ قُذِفَتْ بالنَّحْضِ عن عُرُضٍ
أَي أَنها تَعْتَرِضُ في مَرْتَعِها. والمَدارِجُ: الثنايا الغِلاظُ.
وعَرَّضَ لفلان وبه إِذا قال فيه قولاً وهو يَعِيبُه. الأَصمعي: يقال
عَرَّضَ لي فلان تَعْرِيضاً إِذا رَحْرَحَ بالشيء ولم يبيِّن. والمَعارِيضُ من
الكلام: ما عُرِّضَ به ولم يُصَرَّحْ. وأَعْراضُ الكلامِ ومَعارِضُه
ومَعارِيضُه: كلام يُشْبِهُ بعضهُ بعضاً في المعاني كالرجل تَسْأَله: هل
رأَيت فلاناً؟ فيكره أَن يكذب وقد رآه فيقول: إِنَّ فلاناً لَيُرَى؛ ولهذا
المعنى قال عبد اللّه بن العباس: ما أُحِبُّ بمَعارِيضِ الكلامِ حُمْرَ
النَّعَم؛ ولهذا قال عبد اللّه بن رواحة حين اتهمته امرأَته في جارية له،
وقد كان حلف أَن لا يقرأَ القرآن وهو جُنب، فأَلَحَّتْ عليه بأَن يقرأَ
سورة فأَنشأَ يقول:
شَهِدْتُ بأَنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ،
وأَنَّ النارَ مَثْوَى الكافِرِينا
وأَنَّ العَرْشَ فوْقَ الماءِ طافٍ،
وفوقَ العَرْشِ رَبُّ العالَمِينا
وتَحْمِلُه ملائكةٌ شِدادٌ،
ملائكةُ الإِلهِ مُسَوَّمِينا
قال: فرضيت امرأَته لأَنها حَسِبَتْ هذا قرآناً فجعل ابن رواحة، رضي
اللّه عنه، هذا عَرَضاً ومِعْرَضاً فراراً من القراءة.
والتعْرِيضُ: خلاف التصريح. والمَعارِيضُ: التَّوْرِيةُ بالشيء عن
الشيء. وفي المثل، وهو حديث مخرّج عن عمران بن حصين، مرفوع: إِنَّ في
المَعاريضِ لَمَنْدُوحةً عن الكذب أَي سَعةً؛ المَعارِيضُ جمع مِعْراضٍ من
التعريضِ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَمَا في المَعارِيض ما يُغْني المسلم
عن الكذب؟ وفي حديث ابن عباس: ما أُحب بمَعارِيضِ الكلام حُمْر النعَم.
ويقال: عَرّض الكاتبُ إِذا كتب مُثَبِّجاً ولم يبين الحروف ولم يُقَوِّمِ
الخَطّ؛ وأَنشد الأَصمعي للشماخ:
كما خَطَّ عِبْرانِيّةً بيَمينه،
بتَيماءَ، حَبْرٌ ثم عَرَّضَ أَسْطُرا
والتَّعْرِيضُ في خِطْبةِ المرأَة في عدّتها: أَن يتكلم بكلام يشبه
خِطْبتها ولا يصرّح به، وهو أَن يقول لها: إِنك لجميلة أَو إِن فيك لبقِيّة
أَو إِن النساء لمن حاجتي. والتعريض قد يكون بضرب الأَمثال وذكر الأَلغاز
في جملة المقال. وفي الحديث: أَنه قال لعَديّ ابن حاتم إِن وِسادَكَ
لعَرِيضٌ، وفي رواية: إِنك لعَريضُ القَفا، كَنى بالوِساد عن النوم لأَن
النائم يتَوَسَّدُ أَي إِن نومك لطويل كثير، وقيل: كنى بالوساد عن موضع
الوساد من رأْسه وعنقه، وتشهد له الرواية الثانية فإِنّ عِرَضَ القفا كناية عن
السِّمَن، وقيل: أَراد من أَكل مع الصبح في صومه أَصبح عَريضَ القفا
لأَن الصوم لا يؤثِّر فيه.
والمُعَرَّضةُ من النساء: البكر قبل أَن تُحْجَبَ وذلك أَنها تُعْرَضُ
على أَهل الحيّ عَرْضةً لِيُرَغِّبُوا فيها مَنْ رَغِبَ ثم يَحْجبونها؛
قال الكميت:
لَيالِيَنا إِذْ لا تزالُ تَرُوعُنا،
مُعَرَّضةٌ مِنْهُنَّ بِكْرٌ وثَيِّبُ
وفي الحديث: من عَرَّضَ عَرَّضْنا له، ومن مَشى على الكَلاّءِ
أَلْقَيْناه في النهر؛ تفسيرُه: من عَرَّضَ بالقَذْف عَرَّضْنا له بتأْديب لا
يَبْلُغُ الحَدّ، ومن صرح بالقذف برُكُوبه نهر الحَدّ أَلقيناه في نهر الحدّ
فحَدَدْناه؛ والكلاَّء مَرْفأُ السفُن في الماء، وضرب المشي على الكلاَّء
مثلاً للتعريض للحدّ بصريح القذف.
والعَرُوضُ: عَرُوضُ الشعر وهي فَواصِلُ أَنصاف الشعْر وهو آخر النصف
الأَول من البيت، أُنْثَى، وكذلك عَرُوض الجبل، وربما ذُكِّرتْ، والجمع
أَعارِيضُ على غير قياس، حكاه سيبويه، وسمي عَرُوضاً لأَن الشعر يُعْرَضُ
عليه، فالنصف الأَول عَروضٌ لأَن الثاني يُبْنى على الأَول والنصف الأَخير
الشطر، قال: ومنهم من يجعل العَروضَ طَرائق الشعْر وعَمُودَه مثل الطويل
يقول هو عَرُوضٌ واحد، واخْتِلافُ قَوافِيه يسمى ضُرُوباً، قال: ولكُلٍّ
مقَالٌ؛ قال أَبو إِسحق: وإِنما سمي وسط البيت عَرُوضاً لأَن العروض وسط
البيت من البِناء، والبيتُ من الشعْر مَبنيّ في اللفظ على بناء البيت
المسكون للعرب، فَقِوامُ البيت من الكلام عَرُوضُه كما أَنّ قِوامَ البيت من
الخِرَقِ العارضةُ التي في وسطه، فهي أَقْوَى ما في بيت الخرق، فلذلك
يجب أَن تكون العروض أَقوى من الضرْب، أَلا ترى أَن الضُّروبَ النقصُ فيها
أَكثر منه في الأَعارِيض؟ والعَرُوضُ: مِيزانُ الشعْر لأَنه يُعارَضُ
بها، وهي مؤنثة ولا تجمع لأَنها اسم جنس.
وفي حديث خديجة، رضي اللّه عنها: أَخاف أَن يكون عُرِضَ له أَي عَرَضَ
له الجنّ وأَصابَه منهم مَسٌّ. وفي حديث عبد الرحمن بن الزَّبِيرِ
وزَوجتِه: فاعتُرِضَ عنها أَي أَصابَه عارض من مرَضٍ أَو غيره منَعَه عن
إِتيانها. ومضى عَرْضٌ من الليل أَي ساعةٌ.
وعارِضٌ وعرِيضٌ ومُعْتَرِضٌ ومُعَرِّضٌ ومُعْرِضٌ: أَسماء؛ قال:
لَوْلا ابْن حارِثةَ الأَميرُ لَقَدْ
أَغْضَيْتُ مِنْ شَتْمي على رَغْمي
(* قوله «لولا ابن حارثة الأمير لقد» كذا بالأصل.)
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّر بَكْرَه
عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
الكاف فيه زائدة وتقديره إِلا مُعْرِضاً. وعُوارضٌ، بضم العين: جبَل أَو
موضع؛ قال عامرُ بن الطُّفَيْل:
فَلأَبْغِيَنَّكُمُ قَناً وعُوارضاً،
ولأُقْبِلَنَّ الخيْلَ لابةَ ضَرْغَدِ
أَي بِقَناً وبعُوارِضٍ، وهما جبلان؛ قال الجوهري: هو ببلاد طيّء وعليه
قبر حاتم؛ وقال فيه الشماخ:
كأَنَّها، وقد بَدا عُوارِضُ،
وفاضَ من أَيْدِيهِنّ فائضُ
وأَدَبِيٌّ في القَتامِ غامِضُ،
وقِطْقِطٌ حيثُ يَحُوضُ الحائضُ
والليلُ بَيْنَ قَنَوَيْنِ رابِضُ،
بجَلْهةِ الوادِي، قَطاً نَواهِضُ
والعَرُوضُ: جبل؛ قال ساعِدةُ بن جُؤَيّة:
أَلمْ نَشْرِهمْ شَفْعاً، وتُتْرَكَ منْهُمُ بجَنْبِ العَرُوضِ رِمّةٌ
ومَزاحِفُ؟
والعُرَيْضُ، بضم العين، مصغر: وادٍ بالمدينة به أَموالٌ لأَهلها؛ ومنه
حديث أَبي سفيان: أَنه خرَج من مكة حتى بلغ العُرَيْضَ، ومنه الحديث
الآخر: ساقَ خَلِيجاً من العُرَيْضِ. والعَرْضِيُّ: جنس من الثياب.
قال النضر: ويقال ما جاءكَ من الرأْي عَرَضاً خير مما جاءك
مُسْتَكْرَهاً أَي ما جاءك من غير رَوِيَّةٍ ولا فِكْر. وقولهم: عُلِّقْتُها عَرَضاً
إِذا هَوِيَ امرأَةً أَي اعْتَرَضَتْ فرآها بَغْتة من غير أَن قَصَد
لرؤيتها فَعَلِقَها من غير قصدٍ؛ قال الأَعشى:
عُلِّقْتُها عَرَضاً، وعُلِّقَتْ رَجُلاً
غَيْري، وعُلِّقَ أُخْرى غيْرَها الرجُلُ
وقال ابن السكيت في قوله عُلِّقْتُها عرَضاً أَي كانت عرَضاً من
الأَعْراضِ اعْتَرَضَني من غير أَن أَطْلُبَه؛ وأَنشد:
وإِمّا حُبُّها عَرَضٌ، وإِمّا
بشاشةُ كلِّ عِلْقٍ مُسْتَفاد
يقول: إِما أَن يكون الذي من حبها عرَضاً لم أَطلبه أَو يكون عِلْقاً.
ويقال: أَعرَض فلان أَي ذهَب عرْضاً وطولاً. وفي المثلِ: أَعْرَضْتَ
القِرْفةَ، وذلك إِذا قيل للرجل: من تَتَّهِمُ؟ فيقول: بني فلانة للقبيلة
بأَسْرِها. وقوله تعالى: وعَرَضْنا جهنم يومئذ للكافرين عَرْضاً؛ قال
الفراء: أَبرزناها حتى نظر إِليها الكفار، ولو جَعَلْتَ الفِعْلَ لها زدْتَ
أَلفاً فقلت: أَعْرَضَتْ هي أَي ظَهَرَتْ واستبانت؛ قال عمرو بن كلثوم:
فأَعْرَضَتِ اليمامةُ، واشْمَخَرَّتْ
كأَسيافٍ بأَيدي مُصْلِتينا
أَي أَبْدَتْ عُرْضَها ولاحَتْ جِبالُها للناظر إِليها عارِضةً.
وأَعْرَضَ لك الخير إِذا أَمْكَنكَ. يقال: أَعْرَضَ لك الظبْيُ أَي أَمْكَنكَ من
عُرْضِه إِذا وَلاَّك عُرْضَه أَي فارْمه؛ قال الشاعر:
أَفاطِمَ، أَعْرِضِي قَبْلَ المنايا،
كَفى بالموْتِ هَجْراً واجْتِنابا
أَي أَمكِني. ويقال: طَأْ مُعْرِضاً حيث شئت أَي ضَعْ رجليك حيث شئت أَي
ولا تَتَّق شيئاً قد أَمكن ذلك. واعْتَرَضْتُ البعير: رَكِبْتُه وهو
صَعْبٌ. واعْتَرضْتُ الشهر إِذا ابتدأْته من غير أَوله. ويقال: تَعَرَّضَ لي
فلان وعرَض لي يَعْرِضُ يَشْتِمُني ويُؤْذِيني. وقال الليث: يقال تعرَّض
لي فلان بما أَكره واعتَرَضَ فلان فلاناً أَي وقع فيه. وعارَضَه أَي
جانَبَه وعَدَلَ عنه؛ قال ذو الرمة:
وقد عارَضَ الشِّعْرى سُهَيْلٌ، كأَنَّه
قَريعُ هِجانٍ عارَضَ الشَّوْلَ جافِرُ
ويقال: ضرَب الفحلُ الناقةَ عِراضاً، وهو أَن يقاد إِليها ويُعْرَضَ
عليها إِن اشْتَهَتْ ضرَبَها وإِلا فلا وذلك لكَرَمها؛ قال الراعي:
قلائِصُ لا يُلْقَحْنَ إِلاَّ يَعارةً
عِراضاً، ولا يُشْرَيْنَ إِلاَّ غَوالِيا
ومثله للطرماح:
………. ونِيلَتْ
حِينَ نِيلتْ يَعارةً في عِراضِ
أَبو عبيد: يقال لَقِحَتْ ناقةُ فلان عِراضاً، وذلك أَن يُعارِضَها
الفحلُ معارضةً فيَضْرِبَها من غير أَن تكون في الإِبل التي كان الفحلُ
رَسِيلاً فيها. وبعير ذو عِراضٍ: يُعارِضُ الشجر ذا الشوْكِ بفِيه. والعارِضُ:
جانِبُ العِراق؛ والعريضُ الذي في شعر امرئ القيس اسم جبل ويقال اسم
واد:
قَعَدْتُ له، وصُحْبتي بَيْنَ ضارِجٍ
وبَيْنَ تِلاعِ يَثْلَثٍ، فالعَرِيضِ
أَصابَ قُطَيَّاتٍ فَسالَ اللَّوى له،
فَوادي البَدِيّ فانْتَحى لليَرِيضِ
(* قوله «أصاب إلخ» كذا بالأصل، والذي في معجم ياقوت في عدة مواضع: أصاب قطاتين فسال لواهما)
وعارَضْتُه في المَسِير أَي سِرْتُ حياله وحاذَيْتُه. ويقال: عارض فلان
فلاناً إِذا أَخذ في طريق وأخذ في طريق آخر فالتقيا. وعارَضْتُه بمثل ما
صنع أَي أَتيت إِليه بمثل ما أَتى وفعلت مثل ما فعل.
ويقال: لحم مُعَرَّضُ للذي لم يُبالَغْ في إِنْضاجِه؛ قال السُّلَيْك بن
السُّلَكةِ السعدي:
سَيَكْفِيكَ ضَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّضٌ،
وماءُ قُدُورٍ في الجِفانِ مَشِيبُ
ويروى بالضاد والصاد. وسأَلته عُراضةَ مالٍ وعَرْضَ مال وعَرَضَ مالٍ
فلم يعطنيه. وقَوْسٌ عُراضةٌ أَي عَرِيضةٌ؛ قال أَبو كبير:
لَمّا رأى أَنْ لَيْسَ عنهمْ مَقْصَرٌ،
قَصَرَ اليَمِينَ بكلِّ أَبْيَضَ مِطْحَرِ
وعُراضةِ السِّيَتَينِ تُوبِعَ بَرْيُها،
تأْوي طَوائِفُها بعَجْسٍ عَبْهَرِ
تُوبِعَ بَرْيُها: جُعِلَ بعضه يشبه بعضاً. قال ابن بري: أَورده الجوهري
مفرداً. وعُراضةُ وصوابه وعُراضةِ، بالخفض وعلله بالبيت الذي قبله؛
وأَما قول ابن أَحمر:
أَلا لَيْتَ شِعْري، هل أَبِيتَنَّ ليلةً
صَحيحَ السُّرى، والعِيسُ تَجْري عَرُوضُها
بِتَيْهاءَ قَفْرٍ، والمَطِيُّ كأَنَّها
قَطا الحَزْنِ، قد كانَتْ فِراخاً بُيُوضُها
ورَوْحةُ دُنْيا بَينَ حَيَّينِ رُحْتُها،
أُسِيرُ عَسِيراً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
أُسِيرُ أَي أُسَيِّرُ. ويقال: معناه أَنه ينشد قصيدتين: إِحداهما قد
ذَلَّلها، والأُخرى فيها اعتراضٌ؛ قال ابن بري: والذي فسّره هذا التفسير
روى الشعر:
أُخِبُّ ذَلُولاً أَو عَرُوضاً أَرُوضُها
قال: وهكذا روايته في شعره. ويقال: اسْتُعْرِضَتِ الناقةُ باللحمِ فهي
مُسْتَعْرَضَةٌ. ويقال: قُذِفَتْ باللحم ولُدِسَت إِذا سَمِنَتْ؛ قال ابن
مقبل:
قَبّاء قد لَحِقَتْ خَسِيسةُ سِنِّها،
واسْتُعْرِضَتْ ببَضِيعِها المُتَبَتِّرِ
قال: خسيسةُ سِنِّها حين بَزَلَتْ وهي أَقْصَى أَسنانها. وفلان
مُعْتَرِضٌ في خُلُقِه إِذا ساءَكَ كلُّ شيءٍ من أَمره. وناقة عُرْضةٌ للحِجارةِ
أَي قويّةٌ عليها. وناقة عُرْضُ أَسفارٍ أَي قويّة على السفَر، وعُرْضُ
هذا البعيرِ السفَرُ والحجارةُ؛ وقال المُثَقِّبُ العَبْديُّ:
أَو مائَةٌ تُجْعَلُ أَوْلادُها
لَغْواً، وعُرْضُ المائةِ الجَلْمَدُ
(* قوله «أو مائة إلخ» تقدم هذا البيت في مادة جلمد بغير هذا الضبط
والصواب ما هنا.)
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَو مائةٍ، بالكسر، لأَن قبله:
إِلا بِبَدْرَى ذَهَبٍ خالِصٍ،
كلَّ صَباحٍ آخِرَ المُسْنَدِ
قال: وعُرْضُ مبتدأ والجلمد خبره أَي هي قوية على قطعه، وفي البيت
إِقْواء.
ويقال: فلان عُرْضةُ ذاك أَو عُرْضةٌ لذلك أَي مُقْرِنٌ له قويّ عليه.
والعُرْضةُ: الهِمَّةُ؛ قال حسان:
وقال اللّهُ: قد أَعْدَدْتُ جُنْداً،
هُمُ الأَنْصارُ عُرْضَتُها اللِّقاءُ
وقول كعب بن زهير:
عُرْضَتُها طامِسُ الأَعْلامِ مجهول
قال ابن الأَثير: هو من قولهم بَعِيرٌ عُرْضةٌ للسفر أَي قويٌّ عليه،
وقيل: الأَصل في العُرْضةِ أَنه اسم للمفعول المُعْتَرَضِ مثل الضُّحْكة
والهُزْأَةِ الذي يُضْحَكُ منه كثيراً ويُهْزَأُ به، فتقول: هذا الغَرضُ
عُرْضَةٌ للسِّهام أَي كثيراً ما تَعْتَرِضُه، وفلانٌ عُرْضةٌ للكلام أَي
كثيراً ما يَعْتَرِضُه كلامُ الناس، فتصير العُرْضةُ بمعنى النَّصْب كقولك
هذا الرجل نَصْبٌ لكلام الناس، وهذا الغَرضُ نَصْبٌ للرُّماة كثيراً ما
تَعْتَرِضُه، وكذلك فلان عُرْضةٌ للشرِّ أَي نصب للشرّ قويٌّ عليه يعترضه
كثيراً. وقولهم: هو له دونه عُرْضةٌ إِذا كان يَتَعَرَّضُ له، ولفلان
عرضة يَصْرَعُ بها الناس، وهو ضرب من الحِيلةِ في المُصارَعَة.

أضف تعليقك