ذوا وذوي مضافين إِلى الأَفعال

قال شمر: قال الفراء سمعت أَعرا
بيّاً يقول بالفضل ذُو فَضَّلَكم اللهُ به والكرامة ذاتُ أَكْرَمَكمُ
اللهُ بها، فيجعلون مكان الذي ذُو، ومكان التي ذاتُ ويرفعون التاء على كل
حال، قال: ويخلطون في الاثنين والجمع، وربما قالوا هذا ذُو يَعْرِفُ، وفي
التثنية هاتان ذَوا يَعْرِفُ، وهذان ذَوا تعرف؛ وأَنشد الفراء:
وإِن الماء ماء أَبي وجَدِّي،
وبِئْري ذُو حَفَرْتُ وذو طَوَيْتُ
قال الفراء: ومنهم من يثني ويجمع ويؤنث فيقول هذانِ ذَوا قالا، وهؤلاء
ذَوو قالوا ذلك، وهذه ذاتُ قالت؛ وأَنشد الفراء:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ سَوابِقِ
ذَواتُ يَنْهَضْنَ بغَيْرِ سائقِ
وقال ابن السكيت: العرب تقول لا بذِي تَسْلَمُ ما كان كذا وكذا،
وللاثنين لا بذي تَسْلَمان، وللجماعة لا بذي تَسْلَمُون، وللمؤنث لا بذي
تَسْلَمين، وللجماعة لا بذي تَسْلَمْنَ، والتأْويل لا ولله يُسَلِّمُكَ ما كان
كذا وكذا، لا وسَلامَتِك ما كان كذا وكذا. وقال أَبو العباس المبرد: ومما
يضاف إِلى الفعل ذُو في قولك افْعَلْ كذا بذي تَسْلَم، وافْعلاه بذي
تَسْلَمانِ؛ معناه بالذي يُسَلِّمك. وقال الأصمعي: تقول العرب واللهِ ما
أَحسَنْتَ بذي تَسْلم؛ قال: معناه واللهِ الذي يُسَلِّمك من المرْهُوب، قال:
ولا يقول أَحد بالذِي تسلم؛ قال: وأَما قول الشاعر:
فإِنَّ بَيْتَ تَمِيمٍ ذُو سَمِعْت به
فإِنَّ ذُو ههنا بمعنى الذي ولا تكون في الرفع والنصب والجرّ إِلاَّ على
لفظ واحد، وليست بالصفة التي تعرب نحو قولك مررت برجل ذي مال، وهو ذو
مال، ورأَيت رجلاً ذا مال، قال: وتقول رأَيت ذو جاءَك وذُو جاءَاك وذو
جاؤُوك وذو جاءَتْكَ وذو جِئْنَكَ، لفظ واحد للمذكر والمؤنث، قال: ومثل
للعرب: أَتى عليه ذُو أَتى على الناس أَي الذي أَتى؛ قال أَبو منصور: وهي لغة
طيِّء، وذُو بمعنى الذي. وقال الليث: تقول ماذا صَنَعْتَ؟ فيقول: خَيْرٌ
وخَيْراً، الرفع على معنى الذي صنَعْتَ خَيْرٌ، وكذلك رفع قول الله عز
وجل: يسأَلونكَ ماذا يُنْفِقُون قلِ العَفْوُ؛ أَي الذي تُنْفِقونَ هو
العَفْوُ من أَموالكم فا
(* كذا بياض بالأصل) . . . فأَنفقوا، والنصب للفعل.
وقال أَبو إِسحق: معنى قوله ماذا ينفقون في اللغتين على ضربين: أَحدهما
أَن يكون ذا في معنى الذي، ويكون يُنْفِقون من صلته، المعنى يسأَلونك
أَيُّ شيء يُنْفِقُون، كأَنه بَيَّنَ وجْهَ الذي يُنْفِقون لأَنهم يعلمون ما
المُنْفَق، ولكنهم أَرادوا عِلمَ وَجْهِه؛ ومِثْلُ جَعْلِهم ذا في معنى
الذي قول الشاعر:
عَدَسْ، ما لعَبَّادٍ عليك إِمارةٌ
نَجَوْتِ، وهذا تَحْمِلِينَ طَلِيقُ
المعنى والذي تَحْمِلِينَ طَلِيقٌ، فيكون ما رَفْعاً بالابتداء ويكون ذا
خبرها، قال: وجائز أَن يكون ما مع ذا بمنزلة اسم واحد ويكون الموضع
نصباً بيفقون، المعنى يسأَلونك أَيَّ شيء يُنْفِقُون، قال: وهذا إجماع
النحويين، وكذلك الأوَّلُ إِجماعٌ أَيضاً؛ ومثل قولهم ما وذا بمنزلة اسم واحد
قول الشاعر:
دَعِي ماذا عَلِمْتُ سَأَتَّقِيهِ،
ولكِنْ بالمُغَيَّبِ نَبِّئِيني
كأَنه بمعنى: دَعِي الذي عَلِمت. أَبو زيد: جاء القومُ من ذي أَنفسِهم
ومن ذات أَنْفُسِهم، وجاءَت المرأَة من ذي نفْسِها ومِن ذاتِ نفْسِها إِذا
جاءَا طائِعَيْن، وقال غيره: جاء فلان من أَيَّةِ نفْسِه بهذا المعنى،
والعرب تقول: لاها اللهِ ذا بغير أَلف في القَسَم، والعامة تقول: لاها
اللهِ إِذا، وإِنما المعنى لا واللهِ هذا ما أُقْسِمُ به، فأَدخل اسم الله
بين ها وذا، والعرب تقول: وَضَعَتِ المرأَةُ ذاتَ بَطْنِها إِذا وَلَدَتْ،
والذِّئبُ مَغْبُوطٌ
(*قوله «والذئب مغبوط» في شرح القاموس: مضبوط.) بذي
بَطْنِه أَي بجَعْوِه، وأَلقى الرجل ذا بَطْنِه إِذا أَحْدَثَ. وفي
الحديث: فلما خَلا سِنِّي ونَثَرْتُ له ذا بَطْني؛ أَرادت أَنها كانت شابَّة
تَلِدُ الأَولاد عنده. ويقال: أَتَينا ذا يَمَن أَي أَتينا اليَمَن. قال
الأَزهري: وسمعت غير واحد من العرب يقول كنا بموضع كذا وكذا مع ذي
عَمْرو، وكان ذُو عَمْرو بالصَّمَّانِ، أَي كنا مع عمرو ومَعَنا عَمْرو، وذو
كالصِّلة عندهم، وكذلك ذَوِي، قال: وهو كثير في كلام قيس ومن جاوَرَهم،
والله أَعلم.
ذا: وقال في موضع آخر: ذا يُوصَل به الكلام؛ وقال:
تَمَنَّى شَبِيبٌ مِيتةً سَفَلَتْ به،
وذا قَطَرِيٍّ لَفَّهْ منه وائِلُ
يريد قَطَرِيّاً وذا صِلةٌ؛ وقال الكميت:
إِليكُم، ذَوي آلِ النبيِّ، تَطَلَّعَتْ
نَوازِعُ مِنْ قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ
وقال آخر:
إِذا ما كُنْتُ مِثْلَ ذَوَي عُوَيْفٍ
ودِينارٍ فقامَ عَلَيَّ ناعِي
وقال أَبو زيد: يقال ما كلمتُ فلاناً ذاتَ شَفَةٍ ولا ذاتَ فَمٍ أَي لم
أُكَلِّمه كَلِمة. ويقال: لا ذا جَرَمَ ولا عَنْ ذا جَرَمَ أَي لا أَعلم
ذاكَ هَهُنا كقولهم لاها اللهِ ذا أَي لا أَفعل ذلك، وتقول: لا والذي لا
إِله إِلا هو فإِنها تملأُ الفَمَ وتَقْطَعُ الدم لأَفْعَلَنَّ ذلك،
وتقول: لا وَعَهْدِ الله وعَقْدِه لا أَفعل ذلك.

أضف تعليقك