ذهب

الذَّهابُ: السَّيرُ والـمُرُورُ؛ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً
وذُهوباً فهو ذاهِبٌ وذَهُوبٌ.
والـمَذْهَبُ: مصدر، كالذَّهابِ.
وذَهَبَ به وأَذهَبَه غيره: أَزالَه. ويقال: أَذْهَبَ
<ص:394>
به، قال أَبو إِسحق: وهو قليل. فأَمـَّا قراءة بعضهم: يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار، فنادِرٌ. وقالوا: ذَهَبْتُ الشَّامَ، فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ، وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان الـمُبْهَم، إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والـمَذْهَبُ. وحكى اللحياني: إِنَّ الليلَ طوِيلٌ، ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا، أَي لا ذَهَب.
والـمَذْهَب: الـمُتَوَضَّـأُ، لأَنـَّهُ يُذْهَبُ إِليه. وفي الحديث: أَنَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلّم، كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في الـمَذْهَبِ، وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ.
الكسائي: يقالُ لـمَوضع الغائطِ: الخَلاءُ، والـمَذْهَب، والـمِرْفَقُ،
والـمِرْحاضُ.
والـمَذْهَبُ: الـمُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه؛ وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لـمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه. وحَكى اللحياني عن الكسائي: ما
يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ، ولا يُدْرَى لَهُ ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى
أَين أَصلُه. ويقال: ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً. وقولهم به: مُذْهَب،
يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ، وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ. قال
الأَزْهَرِيُّ: وأَهلُ بَغدادَ يقولون للـمُوَسْوِسِ من الناس: به
الـمُذْهِبُ، وعَوَامُّهم يقولون: به الـمُذْهَب، بفَتح الهاء، والصواب
الـمُذْهِبُ.والذَّهَبُ: معروفٌ، وربما أُنِّثَ. غيره: الذَّهَبُ التِّبْرُ،
القِطْعَةُ منه ذَهَبَة، وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث، على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إِلاَّ بالهاءِ. وفي حديث عليٍّ، كرّم اللّه وجهه: فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة. قال ابن الأَثير: وهي تصغير ذَهَبٍ، وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث، والـمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْـحِقَ في تصغيرِه الهاءُ، نحو قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ؛ وقيل: هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ، على نِـيَّةِ القِطْعَةِ منها، فصَغَّرَها على لفظِها؛ والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه تعالى وجهه: لو أَرادَ اللّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ، لفَعَل؛ هو جمعُ ذَهَبٍ، كبَرَقٍ وبِرْقانٍ، وقد يجمع بالضمِّ، نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ.
وأَذْهَبَ الشيءَ: طلاه بالذَّهَبِ.
والـمُذْهَبُ: الشيءُ الـمَطْليُّ بالذَّهَب؛ قال لبيد:
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ، على أَلْواحِهِ * أَلنَّاطِقُ الـمَبْرُوزُ والـمَخْتُومُ
ويروى: على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ، وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِـيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل، وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ، ولاسِـيَّـما في الأَنْصافِ، لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ.
وأَهلُ الـحِجازِ يقولون: هي الذَّهَبُ، ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم:
والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة، ولا يُنْفِقونها في سبيل اللّه؛ ولولا ذلك، لَغَلَبَ الـمُذَكَّرُ الـمُؤَنَّثَ. قال: وسائِرُ العَرب يقولون: هو الذَّهَب؛ قال الأَزهري: الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب، ولا يجوزُ
تأْنِـيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ؛ وأَما قوله عزَّ وجلَّ: ولا يُنْفِقُونَها، ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه، ففيه أَقاويل: أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة، ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِـيلِ اللّه؛ وقيل: جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون: ولا يُنْفِقُونَ الأَموال ؛ ويجوز أن يَكونَ: ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة، وحذف الذَّهب كأَنه قال: والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه، والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها، فاخْتُصِرَ الكَلام، كما قال:
<ص:395>
واللّه ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه، ولم يَقُلْ يُرْضُوهُما.
وكُلُّ ما مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ، وهو مُذْهَبٌ، والفاعل مُذْهِبٌ.
والإِذْهابُ والتَّذْهِـيبُ واحدٌ، وهو التَّمويهُ بالذَّهَب.
ويقال: ذَهَّبْتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ. وفي حديث جرير وذِكْرِ الصَّدَقَةِ: حتى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يَتَهَلَّل كأَنـَّه مُذْهَبَةٌ؛ كذا جاءَ في سنن النسائي وبعضِ طُرُقِ مُسْلم، قال: والرواية بالدال المهملة والنون،
وسيأْتي ذكره؛ فَعَلى قوله مُذْهَبَةٌ، هو من الشيءِ الـمُذْهَب، وهو
الـمُمَوَّه بالذَّهَبِ، أَو هو من قولهم: فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ
حُمْرَتَه صُفْرَةٌ، والأُنْثَى مُذْهَبَة، وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ
لأَنـَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً.
ويقال: كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة، فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه، ولم تَعْلُه صُفْرَةٌ، فهو الـمُدَمَّى، والأُنْثى مُذْهَبَة. وشيءٌ ذَهِـيبٌ مُذْهَبٌ؛ قال: أُراه على تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ؛ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ:
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ، أَمـَّا سَرَاتُها * فَمُلْسٌ، وأَمـَّا جِلْدُها فَذَهِـيبُ
والـمَذَاهِبُ: سُيُورٌ تُـمَوَّه بالذَّهَبِ؛ قال ابن السّكيت، في قول
قيس بن الخَطِـيم:
أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرَادِ الـمَذَاهِبِ
الـمَذاهِبُ: جُلُودٌ كانت تُذْهَب، واحِدُها مُذْهَبٌ، تُجْعَلُ فيه
خُطوطٌ مُذَهَّبة، فيرى بَعْضُها في أَثرِ بَعْضٍ، فكأَنها مُتَتابِعَةٌ؛
ومنه قول الهذلي:
يَنْزِعْنَ جِلْدَ الـمَرْءِ نَزْ * عَ القَينِ أَخْلاقَ الـمَذَاهِبْ
يقول: الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِـيل، كما يَنزِعُ القَين خِلَل
السُّيُوف. قال، ويقالُ: الـمَذاهِبُ البُرود الـمُوَشَّاةُ، يقال: بُرْدٌ
مُذْهَبٌ، وهو أَرْفَعُ الأَتحَمِـيِّ.
وذَهِبَ الرجلُ، بالكسر، يَذْهَبُ ذَهَباً فهو ذَهِبٌ: هَجَمَ في الـمَعْدِن على ذَهبٍ كثير، فرآه فَزَالَ عقلُه، وبَرِقَ بَصَره من كثرة
عِظَمِه في عَيْنِه، فلم يَطْرِفْ؛ مُشْتَقٌّ من الذهب؛ قال الرَّاجز:
ذَهِبَ لـمَّا أَن رآها تَزْمُرَهْ
وفي رواية(1) :
(1 قوله «وفي رواية إلخ» قال الصاغاني في التكملة الرواية:
«ذهب لما أن رآها تزمرة» وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى.)
ذَهِبَ لـمَّا أَن رآها ثُرْمُلَهْ،
وقال: يا قَوْمِ، رأَيتُ مُنْكرَهْ:
شَذْرَةَ وادٍ، ورأَيتُ الزُّهَرَهْ
وثُرْمُلَة: اسمُ رجل. وحكى ابن الأَعرابي: ذِهِبَ، قال: وهذا عندنا مُطَّرِدٌ إِذا كان ثانيهِ حَرْفاً من حُروفِ الـحَلْقِ، وكان الفعْل مكسور الثاني، وذلك في لغة بني تميمٍ؛ وسمعه ابن الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ في لغتِهِم، فلذلك حكاه. والذِّهْبةُ، بالكسر، الـمَطْرَة، وقيل: الـمَطْرةُ الضَّعيفة، وقيل: الجَوْدُ، والجمع ذِهابٌ؛ قال
<ص:396>
ذو الرُّمة يصف روضة:
حَوَّاءُ، قَرْحاءُ، أَشْراطِـيَّة، وكَفَتْ * فيها الذِّهابُ، وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الجوهري للبعيث:
وذي أُشُرٍ، كالأُقْحُوانِ، تَشُوفُه * ذِهابُ الصَّبَا، والـمُعْصِراتُ الدَّوالِـحُ
وقيل: ذِهْبةٌ للـمَطْرة، واحدَةُ الذِّهاب. أَبو عبيد عن أَصحابه:
الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة؛ ومنه قول الشاعر:
تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ، بَعْدَمَا * تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه، في الاستسقاء: لا قَزَعٌ رَبابُها، ولا شِفّانٌ ذِهابُها؛ الذِّهابُ: الأَمْطارُ اللَّـيِّـنة؛ وفي الكلام مُضافٌ محذوف تقديرُه: ولا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها.
والذَّهَب، بفتح الهاءِ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن، والجمع ذِهابٌ
وأَذهابٌ وأَذاهِـيبُ، وأَذاهِبُ جمع الجمع. وفي حديث عِكرمة أَنه قال: في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأَذاهِبَ من شَعِـيرٍ، قال: يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى. الذَّهَبُ: مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ، وجمعُه
أَذهابٌ، وأَذاهِبُ جمعُ الجمع.
والذِّهابُ والذُّهابُ: موضعٌ، وقيل: هو جبلٌ بعَيْنه؛ قال أَبو دواد:
لِـمَنْ طَلَلٌ، كعُنْوانِ الكتابِ، * ببَطْنِ لُواقَ، أَو بَطْنِ الذُّهابِ
ويروى: الذِّهابِ.
وذَهْبانُ: ابو بَطْنٍ.
وذَهُوبُ: اسم امرأَةٍ.
والـمُذْهِبُ: اسمُ شيطانٍ؛ يقالُ هو من وَلد ابليسَ، يَتَصَوَّر
للقُرَّاءِ، فيَفْتِنهُم عند الوضوءِ وغيرِه؛ قال ابن دُرَيْد: لا أَحسبُه
عَرَبِـيّاً.

أضف تعليقك